بغداد: هدى العزاوي
رأى خبراء ومختصون في الشأنين المالي والاقتصادي أنَّ نظام الدفع الإلكتروني سيحافظ على الكتلة النقديَّة للدينار العراقي وسيرفع قيمته أمام الدولار في مراحل لاحقة.
وأوضح مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية، الدكتور مظهر محمد صالح، لـ"الصباح"، أنَّ "نظام المدفوعات النقدية يرتبط بدرجة عالية من اليقين كلما تمت المدفوعات بالوسائل الإلكترونية أو الرقمية، وهو الأمر الذي يوفر مؤشر سيولة دقيقاً لدى الجهاز المصرفي ويُقلل من درجة الغموض واللايقين في السيولة المصرفية، كما يوفر نظام المدفوعات معلومات كافية عن تدفق الكتلة النقدية إلى داخل الجهاز المصرفي واتضاح مقادير المبالغ المدفوعة والمتجمعة وبيان أرصدتها الفعلية في كل الأوقات خلال يوم العمل المصرفي".
وأشار إلى أنه "في ظل النظم النقدية التي تعتمد الدفع النقدي المباشر، تحيط سياسات إدارة السيولة المصرفية نفسها بتحوطات إضافية من السيولة المُعطّلة بغية التحسب لمخاطر السيولة liquidity risks، وهو الأمر الذي يُعطّل جانباً من العمليات المصرفية والائتمان تحديداً"، موضحاً أنه "كلما تتعاظم المدفوعات الإلكترونية كسلوك في التعامل اليومي، فإنَّ إدارة الكتلة النقدية وتدفقها لدى الجهاز المصرفي ستخضع لقاعدة الوضوح في إدارة النقد، ومن ثم توجيه الائتمان المصرفي نحو المجالات المُربحة، ما يوفر الاستخدام الكفء للكتلة النقدية، فضلاً عن أنَّ نسبة التسربات النقدية خارج المصارف ستنخفض، ما يعني أنَّ تبدلاً هيكلياً في سلوك الطلب النقدي لدى الأفراد ولدى المصارف سيتوجه نحو الانخفاض، بسبب التعاطي مع أنظمة الدفع الإلكترونية التي ترتبط بالحسابات المصرفية".
وأضاف، "وهكذا فإنَّ تطور بيئة المدفوعات وانتقالها من البيئة النقدية المباشرة أو التسديد النقدي في عمليات الدفع والتسلم إلى استخدام الدفع الإلكتروني؛ سيضيق في الأحوال كافة الدفع النقدي المحلي بعملات (غير الدينار) ويجنب الاقتصاد ويبعد معاملاته عن الدفع النقدي بالعملة الأجنبية، لأنَّ نظم المدفوعات الرقمية لا تسمح في معاملات الاقتصاد المحلي بغير العملة الوطنية"، موضحاً أنَّ "الاقتصاد سيبتعد في ميلان مدفوعات معاملاته إلى (الدينار الرقمي) بدلاً من (الدولار النقدي) المرفوضة معاملاته في التسويات الداخلية قانوناً رفضاً تاماً".
من جانبه، أشار رئيس "المركز الإقليمي للدراسات"، علي الصاحب، في حديث لـ"الصباح"، إلى أنَّ "الجباية الإلكترونية أو الدفع الإلكتروني خطوة اعتمدتها الحكومة منذ فترة ليست بالقصيرة، لكنها لم تُفعّل حتى الآن، والمواطن العراقي بصورة عامة يفتقد إلى ثقافة الدفع الإلكتروني، رغم أنَّ أغلب دول العالم بما فيها دول الجوار تتعامل به منذ سنين".
وأوضح أنه "رغم ذلك، فإنَّ تلك الممارسة إن طُبّقت في العراق فسيكون لها مساران سلبي وإيجابي، أما الإيجابي فهو إلغاء النقد والمحافظة على الخزين، كذلك عدم تلف الورقة النقدية وربما سرقتها وضياعها، وكذلك الحد من حالات الفساد في محطات الوقود وغيرها، ناهيك عن هدر الوقت في عملية تسلم المبلغ وتصريفه وما شاكل".
وأضاف، أما سلبيات العملية- فهي تكمن في جهل المواطن وعدم رغبته في التعامل- إضافة إلى أجور استخراج البطاقة وغيرها من السلبيات".
وأضاف أنَّ "من اللافت للنظر أنَّ العراق يستهلك يومياً بحدود (30) مليون لتر وقود مركبات، وهذه كميات كبيرة جداً وتحتاج إلى جهد حكومي في نشر ثقافة الوعي الجماهيري للدخول إلى هذه المرحلة الجديدة"، مبيناً أنَّ "إجبار المواطن على استخدام الدفع الإلكتروني قد يُربك المشهد والواقع اليومي ويثير تذمر وشكاوى المواطنين، والحل الأفضل هو أن تذهب الدولة في تخيير المواطن في اتباع إحدى الطريقتين حتى يتعود على الدفع الإلكتروني".