عبد المهدي: طهران وواشنطن لا تريدان الحرب ونتواصل معهما للتهدئة

الثانية والثالثة 2019/05/15
...

بغداد / محمد الأنصاري
 
 
 
كشف رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي عن أبرز الملفات التي سيبحثها مع المسؤولين الأتراك غداة الزيارة الرسمية التي سيجريها غداً الأربعاء إلى أنقرة، وعلى رأسها زيادة عدد المنافذ الحدودية ومد سكة حديد بين البلدين وقضايا أمنية واقتصادية تتعلق بالطاقة والحدود والمياه، بينما أكد أن «طهران وواشنطن لا تريدان الحرب» كشف عن اتصالات يجريها العراق مع الجانبين لنزع فتيل التوتر القائم، وفي الشأن المحلي، أعلن عبد المهدي عن عبور تجهيز الكهرباء في البلاد حاجز 16 ألف ميغاواط، كما أكد أن الحكومة تسير في توقيتاتها وسيتم عرض الاعمال المنجزة وغير المنجزة على الجمهور، وطالب رئيس الوزراء بتقديم أدلة بشأن بيع منصب محافظ نينوى وغيرها من الاتهامات الى مجلس مكافحة الفساد.
يأتي ذلك في وقت أصدر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها أمس عدداً من القرارات من بينها الموافقة على توصية المجلس الوزاري للطاقة بشأن تحديد راتب المتعاقدين مع وزارة النفط بصفة حارس أمني وتحديد أجور المتعاقدين مع الشركات العامة الرابحة في وزارة النفط، واطلع مجلس الوزراء على مشروع تأهيل المنطقة المحيطة بمطار بغداد الدولي وصوت عليه بالموافقة، ووافق المجلس على تقويم القرارات والتوجيهات الصادرة من مجلس الوزراء السابق لمدة ممتدة من 1/7/2018 لغاية 24/10/2018، وناقش مجلس الوزراء موضوع تخصيص نسبة من ايرادات الرسوم والغرامات المستحصلة لدعم صندوق الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
 
المؤتمر الصحفي
وبدأ عبد المهدي مؤتمره الصحفي الأسبوعي أمس، بتقديم ملخص لأبرز القرارات والقضايا التي بحثها مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية، ومن بينها قرارات بشأن خطة العقود السنوية مع شركات وزارة الصناعة والمعادن، وكذلك مناقشة تخصيص نسبة من ايرادات الرسوم والغرامات المستحصلة لدعم صندوق الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وقراران بشأن المتعاقدين مع وزارة النفط، وكذلك التصويت على مشروع تأهيل المنطقة المحيطة بمطار بغداد الدولي، وأكد عبد المهدي، «لقد حسمنا الموضوع الذي أثيرت بشأنه بعض الآراء بخصوص تقويم وتوجيهات مجلس الوزراء السابق للفترة من 1 تموز 2018 ولغاية 24 تشرين الأول من العام نفسه، وقد جرى حسم هذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء بشكل نهائي».
وأضاف عبد المهدي، ان «الحكومة تسير وفق توقيتاتها ومنهجها المرسوم، ولقد راجعنا في مجلس الوزراء التوقيتات الحكومية، فلقد التزمنا بإنجاز توقيت مرحلة الـ100 يوم، كما أننا ملتزمون بتوقيت الستة أشهر، حيث سيعرض على الجمهور الأعمال التي أنجزتها الحكومة أو تلك التي لم تنجز، ونعتقد أن مسيرة الحكومة واضحة وقوية وصلبة وثابتة رغم كل الصعوبات والمشاكل».
 
المياه والمحاصيل
وتابع عبد المهدي: «رغم أنه لدينا قريباً موسم الفيضانات بعد ذوبان الثلوج، إلا أننا نستطيع القول إننا سيطرنا على مسألة السيول والمياه، ولقد كان عملاً كبيراً جداً وبذلت فيه جهود كبيرة قمنا بتعريف مواطنينا ببعض معالم تلك الجهود، وتمت السيطرة الآن على جميع السدود ومسالك المياه وارتفع خزيننا المائي إلى أكثر من 53 مليار متر مكعب، وسيرتفع هذا الخزين أكثر خلال الأيام والأسابيع المقبلة بعد مجيء مياه الفيضانات وذوبان الثلوج، وهو ما يعادل 3 أضعاف ما كان موجوداً في العام الماضي، وهو شيء مهم للسنوات المقبلة».
عبد المهدي أعلن «مواصلة تسلم محاصيل المزارعين والفلاحين، ولغاية يوم الاثنين 13 أيار جرى تسلم أكثر من 600 ألف طن من الحنطة، وقمنا بتسديد ما يقارب 200 مليار دينار من مستحقات المزارعين بعد فحص العينات، والأسلوب الذي نتبعه الآن هو التسديد شبه المباشر بعد فحص العينات، وهي خطوة مهمة لتطوير القطاع الزراعي، ولدينا خطط أخرى تدعم هذا العمل بما يخص محاصيل أخرى لكي نؤمّن استقرارا حقيقيا للزراعة في العراق وما يرتبط بها من ثروة حيوانية وصناعات تحويلية واستيعاب وتوفير فرص عمل نحن بحاجة إليها».
 
الكهرباء وتوطين الرواتب
وأكد رئيس الوزراء متابعته بشكل شخصي ومباشر لمسألة تجهيز الكهرباء للمواطنين، كاشفاً عن تخطي تجهيز الكهرباء حاجز 16 ألف ميغاواط في الذروة «رغم أن بعض المحطات في مرحلة الصيانة حالياً والتي من المقرر الانتهاء منها في 31 أيار الجاري لتعود هذه المحطات إلى العمل»، كاشفاً عن «دخول محطات جديدة للعمل خلال الفترة المقبلة، كما صوتنا في مجلس الوزراء على مشروع يوفر لمحافظة البصرة قرابة 140 ميغاواط إضافية ستدخل خلال الأسابيع المقبلة، وهي لم تكن ضمن خطة التجهيز التي أعددناها مسبقاً».
وأضاف، «لقد ناقشنا في مجلس الأمن الوطني، معالجة أعداد الموقوفين بأساليب حديثة، ولا نتحدث هنا عن الموقوفين بقضايا إرهابية أو جنائية كبرى، وإنما الموقوفون بشكل عام على قضايا جنح أو جنايات، حيث أن لدينا محاولات لتخفيض أعدادهم وهو مهم لهم ولعوائلهم وأيضاً للكلف المادية والاجتماعية المترتبة جراء التوقيف».
ثم أشار عبد المهدي إلى أن أحد أهم المواضيع لمجلس الوزراء والمجلس الأعلى لمكافحة الفساد هو «موضوع توطين رواتب الموظفين، حيث أننا نسير قدماً بهذا الموضوع على اعتبار أن جزءاً كبيراً من الفساد يأتي بسبب عدم توطين الرواتب واستخدام الصرف اليدوي التقليدي والعملة الورقية في دفع الرواتب مما يسمح بكثير من الغش والفساد والتزوير ووجود الفضائيين، وتوطين الرواتب لجميع الموظفين جزء مهم من عملنا وقد جرى إنجاز نسبة جيدة من هذا الملف، وماضون قدماً لإنجازه بالكامل».
وبين عبد المهدي، أنه «جرى تشكيل لجنة خاصة لمتابعة ملف المفسوخة عقودهم في وزارتي الدفاع والداخلية، من أجل حسم هذا الموضوع الذي يحظى باهتمام مجلس الوزراء، وسنقدم حلولاً مريحة للجميع». 
 
الأزمة الإيرانية الأميركية
ثم تطرق عبد المهدي إلى الشأن الخارجي وعلاقات العراق الدبلوماسية مع دول العالم، وأشار إلى استقبال سفراء بريطانيا وألمانيا وفرنسا في بغداد مرتين خلال الأيام الماضية، وأضاف، «لقد تباحثنا مع سفراء الدول الأوروبية الكبرى بشأن الأوضاع في المنطقة والعقوبات الأميركية على إيران، والتصعيد والتوتر بين الطرفين في المنطقة، وهنالك تنسيق عالي المستوى بين العراق وسفراء الدول الأوروبية لمحاولة التهدئة ونزع فتيل التوتر».
وكشف عبد المهدي عن تفاصيل المباحثات التي أجراها مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو سواء خلال زيارة الأخيرة إلى بغداد أو الاتصالات الهاتفية الثلاثة التي أجراها الوزير الأميركي، وقال: «تابعنا مع بومبيو ملفات العقوبات على إيران والتوتر في المنطقة، وحماية العراق ودرء الخطر عن العراق وإبعاده عن المخاطر، والدور الذي يمكن أن يلعبه العراق في التهدئة وتخفيف التوتر والتصعيد»، وأضاف، إن «العراق يستعيد دوره المؤثر بعد غياب طويل، فبعد أن كان مركزاً للأزمة بات طرفاً أساسياً للتلاقي ومحاولة حل الأزمات، وهو ما يعبر عن التقدم الذي يشهده العراق في هذا الشأن».
وبشأن احتمالية نشوب صراع على أرض الواقع بين طهران وواشنطن وما أعدته الحكومة العراقية من خطط لمواجهة مثل هكذا تطورات، أكد عبد المهدي، أن «الحكومة والقوات المسلحة في العراق لديهما خطط بهذا الشأن»، وأضاف، «لكننا نتمنى ألا تصل الأمور إلى هذه المرحلة، فنحن على اتصال بالطرفين (طهران وواشنطن)، والطرفان صديقان للعراق وهما لا يريدان الحرب، إلا أننا نعترف بأن ملف التوتر القائم بين البلدين معقد ويمكن الانزلاق به بسرعة، ونحن نحاول المساعدة في عدم الانزلاق والاندفاع الخطير الذي ستدفع جراءه المنطقة وجميع الأطراف ثمناً باهظاً، وكذلك العراق سيدفع ثمنا كبيرا، لذلك نحن نبذل جهودا كبيرة وما يظهر منها على السطح شيء يسير، ونرجو ألا تصل الأمور إلى التصادم، وهناك مؤشرات من كلا الطرفين بانتهاء الأمور إلى خير، وهنالك رغبة جادة في إيجاد مخارج لهذه الأزمة».  
وحول تحذير الخارجية الأميركية رعاياها من السفر إلى العراق، أوضح عبد المهدي، أن «الوضع الأمني في العراق مستقر، ولم نسجل تحركات جدية يمكن أن تشكل تهديداً لأحد، وتؤكد الحكومة العراقية أن من واجبها حماية الجميع سواء أفرادا أو جهات تعمل في العراق أو سفارات متواجدة على أرضه، والعراق ليس أرض صراع أو منطلقا للاعتداء على أحد، وهما مسألتان مترابطتان لا انفكاك بينهما».
 
زيارة تركيا
وأعلن عبد المهدي عن زيارة سيقوم بها (اليوم الأربعاء) إلى تركيا بدعوة رسمية من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأكد أنه «رغم قصر مدة الزيارة، إلا أن الملفات التي ستبحثها ستكون عميقة وثرية»، موضحاً أن أبرز الملفات التي سيجري بحثها في أنقرة «هو الملف الأمني، حيث أن لدينا مشتركات كثيرة مع تركيا سواء ما يخص معسكر بعشيقة أو الجماعات التي تهاجم الأراضي التركية، وواجب العراق إزاء دول الجوار وعدم السماح باستخدام أراضيه للاعتداء عليها، أو ما تقوم به دول الجوار دون استشارة العراق للقيام بأعمال أمنية أو عسكرية، كما أننا سنناقش الأوضاع في سنجار والمنافذ الحدودية والأوضاع في سوريا وخصوصاً في شرق الفرات».
وأضاف، «كما أن الملفات الاقتصادية ستكون حاضرة في مباحثاتنا مع المسؤولين الأتراك، حيث يهمنا الاستثمار التركي في العراق بشكل موسع، ونعتقد أن تركيا قادرة على القيام بذلك عبر مشاريع مشتركة سواء كانت صناعية أو زراعية أو تجارية أو خدمية»، وأشار إلى «أهمية معرفة وجهات النظر التركية بما تتصل بأوضاع المنطقة باعتبارها بلدا مؤثرا ومهما، كما سنبحث كيفية جعل بلداننا أطرافاً متشاركة وليست متصارعة ضمن المحاور»، وأعلن عن السعي لتنفيذ مشاريع كبيرة مع تركيا من قبيل فتح منافذ حدودية جديدة، وإقامة سكة حديد، وأوضح عبد المهدي، أنه «سيجري بحث ملف المياه بين العراق وتركيا».  
 
أسئلة الإعلام
وأجاب رئيس الوزراء عن الأسئلة التي وجهها مندوبو وسائل الإعلام المختلفة التي حضرت المؤتمر، ففي إجابة له بشأن زيادة عدد العاطلين عن العمل من الخريجين خلال السنوات الماضية بسبب الأزمة المالية، أوضح عبد المهدي، أن «القطاع العام لا يستطيع استيعاب الأعداد الكبيرة من الخريجين، لأن الدولة ترهلت كثيراً ولا تستطيع الموازنة أن تتحمل أكثر من ذلك، ولكننا إن اتخذنا خطوات لمساعدة القطاع الخاص برفع الحواجز فإنه يستطيع استيعاب تلك الأعداد من خلال الاستثمارات التي يمكن أن تكون كبيرة جداً، لذلك فإن لدينا توجها للذهاب نحو الاستثمارات والانفتاح عليها وتسهيل البيئة الاستثمارية وإبعاد المعرقلات عنها، وجولاتنا إلى دول الجوار وفي دول أوروبا تأتي ضمن هذا التوجه بإقامة مشاريع استثمارية عملاقة، ونذكر هنا أن الرواتب اليوم تشكل قرابة 60 بالمئة من ميزانية الدولة، وأسعار النفط متذبذبة، وبالتالي فإن الدولة يجب أن تكون منتجة وليست خاملة أو مستهلكة مترهلة كما هو شكلها الحالي»، وأكد أن «الذهاب إلى الاستثمارات هو الحل الأمثل لامتصاص حالة البطالة، والعراق قادر على هذه الخطوة عبر تخفيف المعرقلات والقيود أمام الاستثمارات».
وفي إجابة على سؤال بشأن ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن «بيع منصب محافظ نينوى» وغيرها من الاتهامات في المحافظة، وموقف رئيس الوزراء ومجلس مكافحة الفساد من تلك الاتهامات، أكد عبد المهدي، أنه «ليس مطلوباً من رئاسة الوزراء الرد أو بيان الموقف إزاء كل شائعة، فكثرة الشائعات وكثرة الاتهامات لا يمكن أن يبنى عليها رد أو موقف ناضج وصحيح»، مطالباً «كل من لديه وثائق أو أدلة على حصول مثل هذه المفاسد، تقديمها إلى المجلس الأعلى لمكافحة الفساد».
وبشأن ما جرى إقراره في الموازنات الاتحادية المتعاقبة بمخصصات «البترودولار» للمحافظات المنتجة للنفط وأسباب عدم صرفها، أوضح رئيس الوزراء أنه «يجب تسوية هذا الملف بشكل صحيح، ولقد تراكمت هذه المخصصات -التي خضعت للاجتهادات دون دراسة واقعية- لسنوات عدة دون صرف أو تنفيذ بسبب تشريعها في قوانين الموازنات مع العلم المسبق بعدم توفر أموال لصرفها ما شكل أعباء متراكمة على الحكومات المتعاقبة، وعلينا حل هذا الملف بصورة جذرية دون وعود أو ترقيعات أو أكاذيب، لذلك ذهبنا إلى إقرار موازنة الأداءخدمات والمشاريع».
 
جلسة مجلس الوزراء
وعقد مجلس الوزراء جلسته الاعتيادية أمس الثلاثاء برئاسة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، وأفاد بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء تلقته «الصباح»، أن رئيس الوزراء قدم في بداية الجلسة إيجازاً عن آخر التطورات السياسية والأوضاع في المنطقة .
وأصدر مجلس الوزراء عدداً من القرارات من بينها الموافقة على توصيات المجلس الوزاري للطاقة بشأن خطة العقود السنوية مع شركات وزارة الصناعة والمعادن، وأقر مجلس الوزراء توصيات لجنة الشؤون الاقتصادية بشأن تعديل واستكمال قرار مجلس الوزراء رقم 347 لسنة 2015 الخاص بآلية الدفع بالآجل .
ووافق مجلس الوزراء على توصية المجلس الوزاري للطاقة بشأن تحديد راتب المتعاقدين مع وزارة النفط بصفة حارس أمني لتأمين الحراسة لحقل المنصورية الغازي، كما وافق على تحديد أجور المتعاقدين مع الشركات العامة الرابحة في وزارة النفط.
واطلع مجلس الوزراء على مشروع تأهيل المنطقة المحيطة بمطار بغداد الدولي وصوت عليه بالموافقة، ووافق المجلس على تقويم القرارات والتوجيهات الصادرة من مجلس الوزراء السابق لمدة ممتدة من 1/7/2018 لغاية 24/10/2018 .
وناقش مجلس الوزراء موضوع تخصيص نسبة من ايرادات الرسوم والغرامات المستحصلة لدعم صندوق الحماية الاجتماعية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.