مشكلة المصارف

اقتصادية 2023/12/05
...

ياسر المتولي 



كثر الحديث عن الإصلاح المصرفي وأهميَّة عودة المنظومة المصرفية لخدماتها المصرفية التي أسِّست من أجلها.

وعلى نحو غير مسبوق فإنَّ الحكومة تحث الخطى لتحقيق هذا الهدف بعد أن أدركت أهمية القطاع المصرفي في تحقيق برامج التنمية الشاملة لعدم استغناء الشركات الاستثمارية العالمية الراغبة بالدخول إلى السوق العراقية عن مصارف رصينة تقدم خدمات متطورة لتسهيل عمل الشركات وبوصفها الذراع القوية للقطاع الخاص العراقي في التعاطي والشراكة مع الاستثمارات الخارجية والداخلية.

من هذا المنطلق تسعى الحكومة لتفعيل هذا الدور وتحقيق الإصلاح المنشود ولكن ما التحديات التي تواجه تحقيق هذا الهدف؟

أبرز التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي هي (فقدان الثقة) ثقة المودعين بالمصارف وبالمقابل ثقة المصارف بعملائها وطبعاً لهذه الظاهرة أسبابها الكثيرة والمتوارثة من زمن الحقبة السابقة لمرحلة التغيير وامتدت بشكل أوسع خلال المرحلة الانتقالية وإلى يومنا الحالي.

من المعروف والبديهية المعلنة أنَّ الكتلة النقدية المصدرة قانوناً تزيد على 100 تريليون دينار.. ومعلوم أيضاً أنَّ 70 بالمئة من هذه الكتلة خارج التداول المالي وخارج سوق المال ومكتنزة لدى الجمهور.

وتجري المساعي لاجتذاب هذه الكتلة أو جزء منها على أقل تقدير لإيداعها في المصارف بهدف استثمارها وتدويرها في البناء والتنمية، لكن تجد هناك عزوفاً لدى الجمهور عن التعاطي مع المصارف 

والسبب كما ذكرت عدم الثقة.

هنا وبهدف تحقيق إصلاح المنظومة المصرفية وجعلها فاعلة في تأدية واجباتها وتقديم خدماتها المصرفية فإنَّ الخطوات الواجب اتباعها من وجهة نظرنا هي: 

أولاً- لتصويب وتفعيل المصارف في تأدية واجباتها من خلال تقديم نشاطات وخدمات مصرفية حقيقية لابد من إجراءات حكومية عاجلة لإعادة ثقة الجمهور وجمهور المودعين.

 ثانياً- الهدف الأكبر لزج المصارف في تنفيذ برامج التنمية المستدامة يتطلب جذب الكتلة النقدية المكتنزة لدى الجمهور ليتسنى استثمارها في تنفيذ البرامج التنموية.

لتحقيق هذين الهدفين يتعين على الحكومة: 

1 - الاتفاق بين الحكومة والبرلمان على توقيع ميثاق شرف بعدم التعرض ومهاجمة المصارف في وسائل الإعلام وبما يسيء إلى سمعة المصارف ويقود إلى عزوف الجمهور عن إيداع أموالهم فيها وذلك لأنَّ التصريحات المتضاربة تسهم في تعميق فقدان الثقة بالمصارف. 

2 - يتعين على الحكومة والبنك المركزي تعديل قانون المصارف بما يتيح توفير الحماية والضمان للمصارف عند حدوث أزمات مالية وهو ما معمول به في دول العالم المتقدم وهذا ما يشجع الجمهور على ارتياد المصارف والتعامل معها. 

 3 - إلزام المصارف بممارسة نشاطاتها وخدماتها المصرفية الحقيقية بكل شفافية ووضوح من خلال ابتكار وسائل تشجيعيه مختلفة ومعروفة. 

4 - على البنك المركزي والحكومة الدفع باتجاه تنشيط المنافسة الحرة بين المصارف لاستقطاب المودعين.

والملاحظ أنه كلما يسدل الستار على ظاهرة عدم الثقة بالمصارف وتسير الأمور على ما يرام تنهار هذه الثقة سريعاً مع أي تذبذب بسعر الصرف الذي يحدث لأسباب يمكن معالجتها من قبل السياسة النقدية ولكن الهجوم الإعلامي من قبل مسؤولين عراقيين وبرلمانيين وبمختلف المستويات بكيل الاتهامات يربك السوق وأثر ذلك أقوى بكثير من الشائعات فتعيق الإجراءات، لذلك ندعو لميثاق شرف بعدم التعرض للأمور وتركها للمسؤولين عن السياسة النقدية ومعالجتها دون فوضى وتأثيرات جانبية. هذا أحد جوانب تحقيق الإصلاح المصرفي 

الذي تستهدفه الحكومة ويكتسب الأولوية للمضي ببرنامج إصلاح متقدم.