بغداد:حيدر فليح الربيعي وشكران الفتلاوي
رحب مختصون بالشأن الاقتصادي، بالقرارات الحكومية الهادفة إلى تحسين الحالة المعيشية للعديد من شرائح المجتمع، مشيرين إلى أن زيادة رواتب المتقاعدين والدرجات الوظيفية الدنيا، تمثل خطوة مهمة في تحقيق قدر من الاستقرار والسلم والعدالة الاجتماعية، فضلاً عن ضرورتها في تحفيز الطلب على السلع المحلية وتوسع عملية الإنتاج، مؤكدين أن تلك الزيادة لا يمكن أن تؤثر في مستوى الأسعار والتضخم.
وباشرت هيئة التقاعد الوطنية اعتباراً من الشهر الجاري، تنفيذ قرارات مجلس الوزراء القاضية بزيادة مقطوعة قدرها مئة ألف دينار عراقي على رواتب المتقاعدين ممّن يتقاضون رواتب دون المليون دينار، في حين أشار رئيس الوزراء، محمد شياع السواني، خلال مؤتمر صحفي عقده عقب جلسة مجلس الوزراء التي شهدت إقرار الزيادة، أن دعم رواتب المتقاعدين يأتي لرفع المعاناة عنهم، وعن صغار الموظفين، وهنالك لجنة شكلت لمتابعة سلَّم الرواتب، مبيناً أن هناك «أكثر من 199 ألف موظف في الدرجات الثامنة و التاسعة والعاشرة» .
وأضاف، أن” أعداد ورثة المتقاعدين بحدود 1.4 مليون شخص”، لافتاً إلى أن” ورثة المتقاعدين فئة منسيَّة لم تُنصف في القرارات طيلة المدة الماضية وسيشملون بزيادة الـ 100 ألف”.
الخطوات الحكومية، قابلتها إشادة اقتصادية، عبَّر عنها الخبير الدكتور نبيل المرسومي خلال حديثه لـ”الصباح” حينما وصف زيادة رواتب المتقاعدين (المدنيين والعسكريين) بالإجراء الحكومي الإيجابي والموفق جداً.
وأضاف المرسومي، أن الزيادة التي حصلت في رواتب المتقاعدين والزيادة المماثلة في الشرائح الدنيا من الموظفين من الدرجات الثامنة والتاسعة والعاشرة، أي بحدود 45 بالمئة من إجمالي الموظفين على الملاك الثابت مشمولين بهذا القرار، مهمة في تحسين الظروف المعيشية لآلاف العوائل العراقية.
ويرى الخبير الاقتصادي، أن تلك الزيادات، لاسيما في رواتب المتقاعدين، ضرورية جداً لتحقيق نوعٍ وإن كان ضئيلاً من العدالة الاجتماعية بين مرتبات الموظفين، بمعنى تحسُّن في مستوى المعيشة، وهي مهمة أيضاً كون الاقتصاد لايحسب بالأرقام المجرَّدة وإنما بقدر صلته بالإنسان وبالتالي غاية الاقتصاد هو الإنسان وإسعاد الناس وزيادة مرتَّباتهم ورفاهيَّتهم.
وتابع أن تلك الزيادة إجراء حكومي موفَّق، مع أن البعض يعتقد أن هذه الزيادة وبسبب صغر حجم رواتب الموظفين بمن فيهم المتقاعدون، والذين تكون حدودهم الاستهلاكية مرتفعة، فإنه يمكن أن يذهب جلُّها إلى الاستهلاك فيزيد الطلب وبالتالي من الممكن أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع مستوى التضخم، موضحاً أن الموضوع لاينظر إليه من هذه الزاوية فقط، وإنما من الزاوية الأخرى وهي تحفيز الطلب، إذ إن تلك الزيادة ستعمل على تحفيز الإنتاج المحلي، لأن معظم الطلب الجديد سيقع على السلع الغذائية والزراعية بشكل خاص، وهو في معظمه إنتاج محلي، وبالنهاية فاإن الزيادة في حقيقتها، تحفِّز الطلب والمنتج المحلي وتوسع عملية الإنتاج.
ولفت المرسومي، إلى أن القرار من الناحية الاجتماعية مهم جداً، كونه يحقق قدراً من الاستقرار والسِلم والعدالة الاجتماعية المهمة
والمطلوبة جداً في العراق.
وأشار المتحدث، إلى أن المعدل البياني لبعض السلع يتجه نحو الارتفاع والمستوى العام للأسعار بدأ يرتفع وأن معدل التضخم التراكمي للسنوات الماضية أكبر بكثير من المعلن، وبالتالي فإن ذلك الأمر يُسهم بخفض القوة الشرائية للمرتبات النقدية، لذلك فإن هذا الإجراء المتمثل بزيادة رواتب صغار الموظفين والمتقاعدين، جاء تعويضاً لما فقدوه من قوتهم الشرائية.
على صعيد متصل، عد الباحث في الشأن الاقتصادي، علي الدفاعي، توجهات الحكومة القاضية بدعم الرواتب الدنيا، خطوة مهمة للقضاء على الفقر، فضلاً عن ضرورتها في زيادة القدرة الشرائية، وبالتالي تحريك عجلة الإنتاج بمختلف أنواعه، الصناعي والزراعي.
وأوضح الدفاعي، أن زيادة سعر الصرف الذي اتخذته الحكومة السابقة، أدت إلى قضم جزء كبير من معدلات الدخل للموظفين والمتقاعدين، وتسببت بشلِّ القدرة الشرائية للعديد ممن يتقاضون مراتبات متدنية، فضلاً عن تسبب ذلك القرار بزيادة معدلات الفقر والبطالة نتيجة حصول ارتفاعات سعرية في حينها، مشيراً إلى أن قرار زيادة رواتب المتقاعدين والدرجات الدنيا، مهم جداً وإيجابي لدعم تلك الشرائح وخلق حالة من التوازن بين قدراتهم الشرائية والأسعار.
ودعا الدفاعي، الحكومة إلى العمل جاهدة لدعم تلك الشرائح بشكل مستمر، مبيناً أن ذلك سيؤدي إلى تقليص فجوة الفقر، ويحرك الإنتاج المحلي ويضاعف تشغيل العاطلين، وبالتالي فإن الحكومة ستجني العديد من المكاسب جرَّاء تلك الزيادات المهمة.