أسعار القهوة قد ترتفع بسبب فقدان الحشرات

بانوراما 2023/12/12
...

  جيس تومسون

  ترجمة: بهاء سلمان


توصّل أحد الأبحاث إلى أن فقدان الحشرات الملقحة الأساسية بسبب تغير المناخ، قد يؤدي إلى ارتفاع تكلفة بعض الأطعمة المفضلة لدينا.

وتكشف دراسة جديدة نشرت في مجلة (ساينس أدفانس) أن العديد من المحاصيل النباتية، مثل القهوة والكاكاو والبطيخ والمانجو، معرّضة للتهديد بسبب انخفاض التنوّع البيولوجي للملقحات، خاصة في المناطق الاستوائية، نتيجة لتغيّر المناخ وتغيّر طبيعة توظيف الأراضي الزراعية. ويظهر نموذج الباحثين أن المناطق التي ستكون الأكثر تضررا من فقدان الملقّحات تشمل مناطق أفريقية جنوب الصحراء الكبرى وشمال أميركا الجنوبية وجنوب شرق آسيا، حيث تزرع نباتات القهوة والكاكاو على نطاق واسع.

ويقول “تيم نيوبولد”، زميل أبحاث رئيسي في علم الوراثة والتطور والبيئة في جامعة كوليدج لندن والمؤلف المشارك في البحث: “لقد بحثنا في كيفية تغيّر وفرة الملقّحات في ظل الزراعة وتغيّر المناخ. بعد ذلك، قمنا بمقارنة الأماكن التي نخمّن أن يحصل فيها انخفاض كبير بوفرة الملقّحات مع الأماكن التي نزرع فيها المحاصيل التي تحتاج إلى حيوانات للتلقيح، ليتسنى لنا تقدير الأماكن التي قد تكون هناك فيها مخاطر على إنتاج هذه المحاصيل. وتكشف نتائجنا أن المناطق التي نزرع فيها القهوة والكاكاو من المتوقع أن تتأثر بشدة.”

وإذا ما صارت هذه المحاصيل أقل وفرة مع تغيّر المناخ، فقد تصبح باهظة الثمن بشكل متزايد إذا تجاوز الطلب العرض. يقول نيوبولد: “سيكون من الصعب أن نعزو أية تغيّرات في أسعار القهوة والكاكاو التي شهدناها إلى خسائر الملقّحات مقابل عوامل أخرى، مثل تأثيرات تغيّر المناخ أو التأثيرات الاقتصادية. ومع ذلك، إذا فقدنا وفرة الملقّحات في المستقبل، كما تشير نتائجنا إلى أننا سنفعل ذلك، فإننا نتوقع زيادات في أسعار المحاصيل مثل القهوة والكاكاو.”

وبينما يبدو أن سعر القهوة آخذ في الانخفاض، إلا أنها أصبحت الآن أكثر تكلفة مما كانت عليه في العامين 2019 و2020. وسيكون لفقدان الملقّحات في المناطق الاستوائية وفي جميع أنحاء العالم آثار واسعة النطاق على ملايين النباتات. ويعتمد نحو 75 بالمئة من المحاصيل إلى حد ما على الملقّحات الحيوانية.


تأثيراتٌ لا متناهية

يشكل انخفاض الملقحات تهديدا خطيرا للأمن الغذائي وإزدهار إنتاج المواد الغذائية، بحسب “سيوبهان ماديرسون”، الباحثة في الجغرافيا البشرية بجامعة كارديف. وتابعت قائلة: “مع أن الناس لن يتضوّروا جوعا تحت ظل انخفاض الملقّحات، فإن غالبية المحاصيل الرئيسية ذات القيمة الاقتصادية العالية للمنتجين تعتبر مهمة جدا من الناحية التغذوية للناس في جميع أنحاء العالم، لأن معظم المصادر الرئيسية لمدخلات السعرات الحرارية في العالم لا تعتمد على الملقّحات، بما في ذلك القمح والذرة والأرز، وهي تعتمد على الملقّحات. وتشمل هذه المواد العديد من الفواكه والخضراوات والمكسرات والتوابل والقهوة.”

وتقول ماديرسون إن الكاكاو والقهوة، من بين محاصيل أخرى، يعانيان من تحديات أخرى مثل الآفات والالتهابات الفطرية وتغيّر المناخ. “هناك أيضا تحديات تكافلية تهدد المحاصيل العالمية، حيث يشكل تغيّر المناخ تهديدا للملقّحات، ويرتبط أيضا بزيادة الآفات التي تلحق الضرر بالمحاصيل. يعتمد إنتاج الغذاء الصناعي بشكل متزايد على التلقيح المخطط له سابقا. ومع ذلك، فإن هذا أمر محفوف بالمخاطر للغاية، بسبب انخفاض تنوّع الملقحات التي يتم الاعتماد عليها.”

ويأمل الباحثون إيجاد طرق لحماية الملقّحات من تغيّر المناخ وتأثير الزراعة واسعة النطاق من أجل الحفاظ على المحاصيل التي نعرفها ونحبها؛ وهذا الأمر مهم ليس فقط لاستهلاكنا لهذه المحاصيل، وإنما أيضا لصغار المزارعين الذين يعتمد كسبهم المالي على بيع هذه المحاصيل عبر العالم بأسره.

تقول ماديرسون: “لدعم حالة جيّدة للملقّحات، هناك حاجة إلى العديد من التغييرات المهمة، من ضمان بيئات متنوّعة وصحية للملقحات، ودمج الممارسات الزراعية البيئية في إنتاج الغذاء، مثل الزراعة المختلطة إلى تشجيع الإنتاج المتنوّع على نطاق صغير، والذي يرتبط بزيادة التنوّع البيولوجي في خضم المشهد العام لإنتاج الغذاء.”

وتشير ماديرسون إلى أن إزالة الغابات الاستوائية تشكل أيضا خطرا كبيرا على الملقّحات ومحاصيل البن، إضافة إلى المحاصيل الاستوائية الأخرى، حيث يرتبط استخدام المشهد العام المختلط لإنتاج الغذاء بزيادة التنوّع البيولوجي ونشاط الملقّحات.

تختتم ماديرسون: “يجب على الجميع بذل كل ما في وسعهم لوقف تغيّر المناخ، لأن هذا يشكل تهديدا خطيرا لنظامنا الغذائي، سواء بمفرده أو بالتزامن مع التحديّات الأخرى التي تواجه إمداداتنا الغذائية، مثل إنخفاض الملقّحات”.


مجلة نيوزويك الأميركية