متنزه نهر اليانغتسي الثقافي

بانوراما 2023/12/12
...

  جين شي / لي يوتشي

  ترجمة: شيماء ميران

يغذي نهر “اليانغتسي”  المعروف باسم {نهر الام}، وهو أطول نهر في الصين، التراث الثقافي الذي يعود إلى آلاف السنين. كما يمثل رمزا معتمدا وفريدا للأمة الصينية وحضارتها. وتتولى المقاطعات والمدن الواقعة على طول النهر مهمة جديدة، لحماية وتعزيز تراث وثقافة هذا النهر، فضلا عن المحافظة على الإرث التاريخي وتعزيز الثقة الثقافية وبناء الحضارة الصينية المعاصرة، من خلال بناء المركز الثقافي الوطني والمتنزه لنهر اليانغتسي.

وبحسب وكالة انباء شينخوا فقد قام الرئيس الصيني “شي جين بينغ” مؤخرا بتفقد مدينة جيوجيانغ في مقاطعة جيانغشي شرقي الصين، وتضمنت زيارته تفقد قسم من المتنزه الثقافي الوطني لنهر اليانغتسي الواقع في المنطقة العمرانية للمدينة، إضافة الى زيارة شركة سينوبك جيوجيانغ، تعرف فيها على الجهود المحلية المبذولة في بناء المتنزه، وأعمال الترميم البيئي، التي تُجرى على طول شاطئ النهر، وأعمال شركة البتروكيمياويات في تحولها وترقيتها نحو التنمية الخضراء. فضلا عن زيارة مدينتي “جينغدتشن” و”شانغراو” في جيانغشي.

يوضح خبراء ثقافيون صينيون لصحيفة “غلوبال تايمز” القيمة الكامنة في المتنزه الثقافي الوطني لنهر اليانغتسي من عدة جوانب مثل الحفاظ على الموارد المائية والسمكية، والتطورات الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن الإرث التاريخي الثقافي الصيني والثقة الثقافية، كما يرسم لوحة جديدة تصُور الانسجام بين الطبيعة والناس والمدن.


قيمة ثقافيَّة عميقة

ذكرت وسائل الاعلام المحلية ان المتنزه، الممتد عبر ثلاثة عشر مقاطعة، والذي يضم اثنين وأربعين موقعا، يعد نسيجا غنيا بالمواقع التراثية الثقافية العالمية والتراث الثقافي الزراعي وأهميته على مستوى العالم. كما يضم 841 مشروعا تراثيا ثقافيا معنويا على المستوى الوطني و465  مدينة وبلدة وقرية تاريخية ثقافية، إضافة إلى واحد وتسعين متحفا على مستوى البلاد. انه قطاع يضم ثقافات الصين التقليدية والثورية والاشتراكية التقدمية الفريدة.

تُبذل الجهود، التي تتوافق مع الخطة المشتركة الصادرة عن السلطات الصينية، ومنها وزارة الثقافة والسياحة “للحفاظ على ثقافة نهر اليانغتسي ونقلها وتعزيزها”، لتعزيز الصناعة الثقافية وقطاع السياحة وإثراء المعروض من المنتجات الثقافية عالية الجودة، فضلا عن إنشاء حزام اليانغتسي الاقتصادي وتعزيز التكامل العميق بين الثقافة والسياحة.

لقد بدء إنشاء متنزه نهر اليانغتسي رسميا نهاية العام 2021، وتعد جيانغشي أحد مناطق البناء السبعة الرئيسة في المتنزه.

تتمتع مدينة “جيوجيانغ” بموقع مميز كونها المنطقة الاساسية للمتنزه في مقاطعة جيانغشي، والتي يمتد ساحلها الى مسافة 152 كم من نهر اليانغتسي. زار هذا المكان، المعروف باسم “محطة الواجهة البحرية”، العديد من الشخصيات الثقافية البارزة كون تاريخها يمتد الى اكثر من 2200 عام. 

يمثل “جناح بيبا”، الذي استمد تسميته من قصيدة “بيبا شينغ” للشاعر الصيني الشهير “باي جويي”، والواقع في قسم جيوجيانغ بالمتنزه معلما ثقافيا.

تعمل جيوجيانغ على ربط المعالم الثقافية مثل “جناح بيبا” و”برج سوجيانغ” و”برجزونيانغ” لحماية ثقافة اليانغتسي وتعزيزها وانشاء اجمل ضفة للنهر. إذ يدمج المشروع بين المتنزه الثقافي الوطني للنهر (قسم جيوجيانغ) مع التجديد الحضري ما يؤدي الى تحول المدينة وتطورها. ويذكر انه سيتم تعزيز مشروع البناء في قسم جيوجيانغ على ثلاث مراحل.

يوضح “ تشانغ ييوو”، الاستاذ في جامعة بكين الخبير في الدراسات الثقافية، للصحيفة ان اهمية متنزه نهر اليانغتسي تكمن في حماية الشريان الرئيس للصين الممتد من غرب البلاد الى شرقها، وانه خير ما يمثل الهوية الثقافية الوطنية الصينية، اضافة الى تحسين مستوى حياة السكان. 


أهمية المشروع

يحمل مشروع متنزه نهر اليانغتسي مكانة عظيمة بالنسبة للامة الصينية، ويأتي بعد عدة متنزهات ثقافية وطنية مهمة، بدءًا من حديقة سور الصين العظيم، وحديقة القناة الكبرى، وحديقة لونغ مارش، حتى حديقة النهر الاصفر. ويركز على إنشاء سبعة معالم ثقافية إقليمية كبرى متجذرة في الثقافات الإقليمية المتنوعة. ويعتمد على الموارد الثقافية الغنية والتحف التاريخية الموجودة على طول نهر اليانغتسى، ويقدم خمسة مشاريع أساسية، تضم الحماية والبحث والتنمية البيئية، وتكامل السياحة الثقافية والتمثيل الرقمي.

أعطت المقاطعات والمدن المختلفة الاولوية لإحياء البيئة الطبيعية لنهر اليانغتسي، وتضمنت تدابير مثل حظر صيد الاسماك في النهر، وإدارة أرصفة السفن على ضفافه، وبناء المتنزه الثقافي الوطني.

بيّن “شي جيفنغ”، الخبير الذي يركز على تنمية السياحة البيئية، في حديثه مع الصحيفة أن النهر غني بالأحياء البحرية الفريدة من نوعها والمهددة بالانقراض مثل خنزير البحر اللا زعنفي. ويمكن اعتبار المتنزه بمثابة بقعة تجريبية لتطبيق اللوائح مثل حظر صيد الأسماك في الصين الذي دام بنحو افضل طوال عقد من الزمن، وشدد على أن الحفاظ على المياه ومنع مصائد الأسماك يرتبط مباشرة بالتنوع البيولوجي للنهر. ومن الأمثلة الممتازة على ذلك إزالة الارصفة الصناعية ونقل نحو 140 وحدة صناعية وإستعادة خمسة كيلومترات تقريبا من ضفة النهر على مدى العقد الماضي.

ذكرت صحيفة (غوانغ مينغ ديلي) ان مدينة “نانجينغ”، وهي الوحيدة التي تعيش فيها خنازير البحر اللازعنفية البرية طوال ايام السنة، قد اتخذت التدابير لحمايتها، ما أدى إلى استقرار عددها إلى 62 خنزيرا تقريبا.

توصل “تشانغ” إلى انه يمكن اعتبار مشروع المتنزه الوطني انتشارا كبيرا للبلاد، لما يحمله من قيمة رمزية للموارد الطبيعية والثقافية للصين، ويمكن ان يعزز الخطاب الصيني بما يتعلق بالمواضيع الطبيعية في المجتمع الدولي.

يعد المتنزه الثقافي الوطني لنهر اليانغتسي دليلا على تاريخ الصين الغني، وثقافتها المتنوعة، وإلتزامها بالحفاظ على تراثها الطبيعي. لا يحتفي المتنزه بماضي البلاد فحسب، بل يؤسس لمستقبلها فان تعايش الثقافة مع المحافظة على البيئة، يوفر إرثا مفعما بالحياة ومستداما للاجيال القادمة.


صحيفة غلوبال تايمز الصينية