سؤال في السياسة النقديَّة

اقتصادية 2023/12/20
...

محمد شريف أبو ميسم 



ثمَّة تساؤل يُثار بشأن ما تتناقله بعض وسائل الإعلام في هذه الأيام، إذ تتكلم وسائل الإعلام على مفاوضات بشأن طلبات يقدِّمها الجانب العراقي إلى الفيدرالي الأميركي للحصول على دفعات من النقد المودع في خزائن الفيدرالي لتمويل حركة التبادلات والتداولات في السوق العراقيَّة أو لتمويل التجارة الخارجيَّة بموجب فواتير يتم تأخير صرفها أو رفضها في بعض الأحيان تحت شروط مقيدة للصرف، ولم يتضح للمواطن الذي يعيد إنتاج هذه الأقاويل مدى دقة ما يقال، الأمر الذي يتطلب التوضيح لوسائل الإعلام من قبل الجهات ذات العلاقة لتعزيز ثقة الجمهور بالسياسة النقدية ووضع حد لهذه الأقاويل وما يشاع في وسائل إعلام مغرضة بشأن استمرار الوصاية على الأموال العراقية.

إذ يعلم الجميع أنَّ العراق قد استعاد دوره الطبيعي بعد قرار مجلس الأمن 1959 لعام 2008 لكنه وبموجب اتفاقية الإطار الستراتيجي مع الولايات المتحدة لجأ في السنوات (2009 إلى 2013) إلى أسلوب حماية الأموال من الدائنين التجاريين من قبل الحكومة الأميركية، وبسبب الظروف التي مرت بها البلاد تكرر طلب الحماية السنوية، وكان آخرها الطلب الذي أوصت به اللجنة الاقتصادية الوزارية في 22/ أيار/ 2013.

وفي العام 2014 وصل احتياطي البنك المركزي العراقي إلى نحو 80 مليار دولار، آنذاك قرّر رئيس الولايات المتحدة الأميركية "باراك أوباما"، رفع الحصانة الممنوحة لصندوق تنمية العراق وممتلكات خاصة تعود للحكومة العراقية في الخارج، وعزا السبب إلى التطور الحاصل في قدرات الحكومة العراقية على إدارة التبعات المرافقة للديون المترتبة على النظام الدكتاتوري السابق. 

ومنذ ذلك الحين والعراق يدير أمواله بكل استقلالية، بينما تكشف لنا البيانات الإعلامية عن التزامات واشتراطات ذات صلة بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما يوحي أنَّ إدارة الملف المالي والنقدي ذات صلة بإرادات خارجية، وما يعزز محتوى هذه البيانات هي التصريحات المتعلقة بطلبات عراقية للفيدرالي الأميركي والخزانة الأميركية لتلبية طلب شحنات النقد لعام 2024.

نعم فللنظام المالي الدولي في ظلِّ حرب العملات النقدية ومثلها العملات الإلكترونية في عالم مضطرب ومليء بالصراعات والمصالح الدولية، مزية سلطة الأقوياء التي تتشكل بموجب الهيمنة على أدوات وآليات الدفع الحديثة القائمة على التقانات الإلكترونية والتي تحد تارة وتارة تتدخل في شؤون السياستين المالية والنقدية في البلدان في سياق تحكمها بالمنظومة المصرفية العالمية، وهنا قد تسقط القاعدة المصرفية التي تقول إنَّ حقوق الملكية طبيعتها دائنة دوماً، إذ كيف للمدين أن يتحكم بالدائن؟