الرأس عاوز كده

ثقافة شعبية 2023/12/28
...

كاظم غيلان 



يمتاز الأشقاء المصريون بتلقائيّة في أمثالهم العاميّة، وأجادوا تسويقها عبر قنوات إعلاميّة، إبداعيّة، بعيدة عن الاسفاف والرخص، في السينما والمسرح تحديدا، ولعل مثلهم الشائع " الجمهور عاوز كده" ارتفع تداوله بيننا حتى غدا بحكم البديهيات سخريّة واحتجاجا على مايحصل من تراجع في عموم الذائقة 

العربيّة .

و" الجمهور عاوز كده"يعكس حالة خضوع التسويق الإعلامي - فنيا وثقافيا لسيادة الألوان الهابطة في المجمل، وبالتالي يقف المثل هذا حاجزا إزاء اية حالة من التذمر والامتعاض نزولا عند رغبة الجمهور. 

مع نهاية كل عام تجري القنوات استبياناتها واختلاف مستوياتها رصينة كانت أم هابطة لتعلن عن أفضل شاعر أو شاعرة للعــام، وأفضـل إعلامـي، وأفضل روائــي، وأفضــل شخصيَّــة وطنية، و.....الخ من أفضليات 

وفُضْلات.

بطبيعة الحال لم تكن هذه النتائج مرضية ، بل وتدخل ضمن سياق سخريتنا وخيبتنا التي يسوقها لنا " عصر التفاهة" لأننا نعرف الكيفية التي تمت بها عمليات رفع الشأن وفي كل العناوين التي أشرت 

لها .

أتذكر ذات يوم سبعيني فكر الشاعر كزار حنتوش إجراء استبيان شعبيّ بمدينته فَتوجه أولا لصاحب محل بيع بقوليات ليسأله عن ( اليوت) فرد عليه بامتعاض:

_ (مو من معاميلي ما اعرفه) .

وحين ضحكنا طويلا راح ليسأل بائع كرزات عن ( طه حسين) فرد عليه :

(كان جارنا ملاحظ بلدية بس ما أدري وين انتقلوا) .

لا أعرف أن نشر كزار ذلك الاستبيان أمْ لا . لكن مايجري اليوم من استبيانات عشوائيَّة إن وجدت فهي لاتختلف عما فعله كزار .

لكن- وهذا رأي شخصي- فالنسبة الأغلب من هذه القنوات التي يستحيل احصاؤها تطلق النتائج دون اعتماد أي مشورة مع أية جهة ولا أي أحد استخفافا منها بالجميع لأن :

(رأس السنه عاوز كده ).

نعم إنه بحاجة إلى دوخة رأس تدفع بحامله للتقيؤ.