تفاقم الجفاف بسبب تغيّر المناخ

بانوراما 2024/01/02
...

 إيفان بوش
 ترجمة: بهاء سلمان


يشير تحليل جديد إلى أن ظروف الجفاف التي عصفت بسوريا والعراق وإيران على مدى السنوات الثلاث الماضية لم تكن لتحدث لولا تغيّر المناخ.
وقام علماء يعملون لدى مجموعة "إسناد الطقس في العالم" ((World Weather Attribution بتحليل ثلاث سنوات من بيانات درجة الحرارة وهطول الأمطار، ووجدوا أن تغيّر المناخ أسهم في إحداث درجات حرارة متطرّفة، متسبّباً بزيادة احتمال حدوث الجفاف بنسبة 25 مرة على الأقل لدى أجزاء من سوريا والعراق، وأكثر من 16 مرة في
إيران.
وتظهر الدراسة كيف يلعب تغيّر المناخ دوراً في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانيّة، حيث يقترن بالفوضى السياسيّة والصراع لدفع الناس إلى الجوع وإجبار الكثيرين على الفرار من منازلهم. وقال محمد رحيمي، أستاذ علم المناخ في جامعة سمنان شمال إيران، خلال مؤتمر صحفي، إنّ "تغيّر المناخ العالمي الذي يسببه الإنسان يزيد من صعوبات الحياة لعشرات الملايين من الناس في غرب آسيا"، محذراً من أن استمرار استخدام الوقود الأحفوري قد يجعل هذه المناظر الطبيعيّة "أكثر قسوة".
وتقول رنا الحاج - من مركز المناخ التابع للصليب الأحمر والهلال الأحمر- إنّه مع منطقة شهدت زعزعة استقرار بعض الأماكن بسبب الحرب والبنية التحتية المتدهورة والتوسع الحضري، "كان تغيّر المناخ بمثابة عامل مضاعف للتهديدات"، مضيفة: "أنَّ المنطقة شهدت انتشار التصحّر وإزالة الغابات على نطاق واسع خلال السنوات
الأخيرة".

هجرة بالاكراه
واضطر أكثر من 12 مليون شخص إلى مغادرة منازلهم داخل سوريا منذ العام 2011، بحسب تقديرات منظمة "ميدغلوبال". وتشير التقديرات إلى أن ما يقرب من مليوني شخص من المناطق الريفيَّة قد تركوا ديارهم بسبب الجفاف. وفي عام 2022، واجه نحو 12 مليون مواطن سوري (ستين بالمئة من سكان البلاد) مستويات الفقر، وفقاً للجنة الإنقاذ الدوليّة، وأعاق الجفاف قدرة سوريا على زراعة وحصاد القمح. وفي عام 2021، أنتجت البلاد ربع القمح الذي كانت تزرعه فقط قبل بدء الحرب الأهلية المستمرة.
وقام فريق علماء اسناد الطقس في العالم بتقييم بيانات درجة الحرارة والرطوبة لمدة ثلاث سنوات في سوريا والعراق وإيران بين تموز 2020 وتموز 2023، عندما كانت هذه البلدان تعاني من الجفاف الشديد. وشهدت المنطقة انخفاضاً في هطول الأمطار، لكن الباحثين وجدوا أن الحرارة المستمرة كانت المحرك الرئيس للجفاف بسبب التبخر وعمليات الترشيح من
النباتات.
وأظهرت نماذج الباحثين أنه إذا كان العالم أكثر برودة بمقدار درجة مئوية واحدة، كما كان الحال قبل العصر الصناعي، فلن يكون هناك جفاف وستعود الظروف إلى طبيعتها. ووجدت الدراسة أنه بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، يمكن توقع موجات جفاف شديدة مثل هذه بحدود مرة واحدة لكل عقد في العراق وسوريا ومرتين لكل عقد في إيران.
"هذا يمس بالفعل حدود ما يستطيع بعض الناس التكيّف معه"، كما يقول: "فريدريك أوتو"، عالم المناخ في معهد غرانثام التابع للكلية الإمبراطورية في لندن، ويضيف: "مع استمرار حرق الوقود الأحفوري أو نعطي تراخيص جديدة لاستكشاف حقول النفط أو الغاز الجديدة، فإنّ هذه الأحداث ستزداد
سوءاً". وتعد مجموعة اسناد الطقس في العالم هي اتحاد من علماء المناخ الذين يدرسون الطقس المتطرّف وينشرون نتائج سريعة حول دور تغيّر المناخ في الأحداث الكبرى. ويتم نشر بحوثهم ومراجعتها وفحصها بشكل دقيق، لكن هذا التحليل المحدد لم يخضع لعملية مراجعة أكاديمية نموذجية. وقد تطابقت النتائج السابقة التي توصلت إليها المجموعة مع تدقيق خارجي بعد النشر الأولي.

وكالة ان بي سي الاخبارية