خيال المراهقة يلقي بالفتيات في عالم المشاهير

ولد وبنت 2024/01/08
...

 رسل الشمري


شبه حد التطابق في أحلام فتيات بمقتبل العمر، ألقت بهن في عالم المشاهير، بحيث أصبح تقليد موضة الأزياء وتسريحات الشعر، ومكياج البلوكرات والفنانات، أقصى الطموح التي يمكن أن تصل اليها البنت المراهقة.
طيبة علي (15 ربيعاً)، تروي حكايتها وتأثرها بشخصية إحدى المشهورات التي بدأت تستحوذ على اهتماماتها شيئاً فشيئا، قائلة إنها تقوم بتقليد كل ما يتعلق بحياة محبوبتها، ففي كل مرة تشاهد إضافة جديدة في هذه المرأة،  تتوجه إلى والدتها وتطلب منها أن تعمل لها مثلها، مبينة ذات مرة أطلت بتسريحة مختلفة، فذهبت في اليوم التالي الى أحد مراكز التجميل، وقامت بقص شعرها حتى تصبح شبيهة لها .
رشا جاسم  (16 عاماً) تقول إن “عالم المشاهير انعكس على واقعي فأصبحت اتقمص أسلوبهم وأرتدي ما يرتدون واستنفر طاقتي كي أشعر بأنني مماثلة لهم”.
 وتضيف “أثناء متابعتي لهن شاهدت أن أحداهن ذهبت إلى مدينة ما فاستجمعت قوتي وقمتُ بالتودد إلى والديّ واقنعتهما بأن نتجه إلى المكان ذاته، حتى أستشعر بأن واقعهم مرآة لواقعي».
تقى حسن (14 عاماً) تحكي هوسها ورصدها لذاتية إحدى الناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي ومتابعة أسلوب حياتها، حتى أخذت تنحاز إلى تفصيلات شكلها وقوامها.
تؤكد السيدة أنوار عبد الله أن ابنتيها يختلفان تماما في سلوكهما وتواجهاتهما، رغم أن لا فرق بينهما بالعمر الا سنتين، لكن الكبيرة عقلانية تحاول أن تصنع شخصيتها بنفسها وتأخذ صفات من والديها، لذا لا تثير قلقا لدينا لأنها تسير في الطريق السليم، اما الثانية فإنها المشكلة حيث تنافس قريناتها بالمدرسة في أن تظهر بهيئة إحدى الفنانات وتتعامل مع الأمور بجنون، دفعني ذلك لاستشارة إحدى الصديقات، التي تعمل باحثة اجتماعية فنصحتني أن اتركها تعيش هذه الفترة باختياراتها، وطمأنتني بأن المراحل المقبلة ستحدد طبيعة شخصيتها، واحتمال أنها ستكف عن الركض خلف المشاهير ومحاولة التشبه بهم، حينما تصل للنضج والرشد وتنشغل بقضايا أهم وأعمق، في حال لو استطعنا توفير بيئة مناسبة لها لممارسة احدى الهوايات وتشجعيها على ذلك. في حين يعتقد الأب احمد ناجي أن الفتاة بتلك العمر طبيعي جدا ان تعجب بالمشاهير وتسعى لتقليدهم، لكن ينبغي ان يكون بحدود لا يصل لحد تقمص شخصياتهم، وهنا يمكن السيطرة عليها وتوجيهها، لكن اذا سمح لها ان تتمادى بذلك دون تنبيهها، فإنها سوف تصطدم بالواقع والعادات والتقاليد التي ما زالت راسخة بمجتمعنا، لذا يفضل التقرب دوما من بناتنا حتى يسهل توعيتهن بخصوص تلك المسائل، وكي لا تكون العواقب وخيمة مستقبلا.  
في دراسة أجرتها مجلة سايكولوجيكال ساينس كشفت عن أن المراهقات الأكثر ميلا للإعجاب بالمؤثرين على مواقع التواصل، من أولئك الذين لديهم القليل من الإعجابات، وهو اكتشاف ينطبق على الصور المحايدة، وتلك التي تصور سلوكيات محفوفة بالمخاطر.
وفي هذا الصدد، يوضح الباحث النفسي الدكتور احمد مهودر أن المأزق الذي يواجه المراهقات هو رحلة البحث والتحري عن الذات الحقيقية، التي اندثرت بسبب الصراع والانتقال من مرحلة الطفولة المقيدة، إلى الاستقلال.
وبين أن السلوك الذي تقوم به المراهقات يطلق عليه “النمذجة”، وهو  تقليد المشاهير محاولة منهم لإثبات وجودهم في المجتمع.وشدد مهودر على ضرورة أن يأخذ الأبوان والجهات ذات العلاقة دورهما في تقديم الارشاد لهذه الفئة، حتى يجدوا ضالتهم ويكون لهم دور فاعل في مختلف نواحي الحياة.وتشير الباحثة الاجتماعية ابتسام الشمري إلى أنَّ ضيق الوعي والثقافة لدى أغلب الفتيات المراهقات وسطوة التكنولوجيا على نضجهن وإغفالهن لشخصيتهن المستقلة، التي تكون مغايرة ومختلفة عن بقية أقرانهن، مؤكدة أن المسؤول الاول عن هذه الظاهرة هو الأهل، وتقع المسؤولية الأكبر على الأم التي تنشغل عن مراقبة ابنتها في تلك المرحلة العمرية، التي أحوج ما تكون فيها الى النصح بأهمية أن تبني شخصيتها بعيدا عن التأثر بهذه الشخصيات.