الذروة والتكرار

ثقافة شعبية 2024/01/11
...

كاظم غيلان 



يندفع بعضهم وبحكم ما يمليه الاعجاب، وفي لحظة انفعال عاطفي وحماس يشبه الهياج في أن يطلق على أية تجربة جازماً قاسماً بأنها (لن تتكر). !!

الأمر يستدعي مراجعة وتأملا لهكذا أحكام، لربما هناك قطيعة مع المستقبل، ولربما هناك يأس أو إحباط، ولربما هناك حماس لا يخلو من سذاجة. الاحتمالات والتفسيرات كلها واردة في حسابات اليوم وفي ظل ما تفعله السوشيال ميديا. 

الذي لا يتكرر هو الذي لا يشبهه أحد، وهكذا حالة تدخل مجال الاستثناء، ولكم صعب هذا المجال؟

الذي لا يتكرر هو من يبلغ مرحلة فيها من الشاهق الكثير، ألا وهو (الاستثناء) الذي لا شبيه له، لربما له من يقلده لكنه في (الذروة) وتلك هي الأعلى.

في حوار سألت الفنان التشكيلي الرائد (محمد مهر الدين) عن حقيقة تأثر (جواد سليم) بالمدارس أو الاتجاهات الفنية الرائدة  في أوروبا، التي انعكست في عمله العظيم (نصب الحرية) أجابني بثقة : من حقه أن يتأثر بما يرى. دون أن يؤكد حقيقة التأثر، لقد ترك الإجابة قابلة للشك ولليقين أيضا.  

التأثر حالة أخرى لربما لا علاقة لها بما أردت في حساب البعض. لكن يظل من يسعى لتقليده هو الذي بقي عصيًّا لأنه الذي (لا يتكرر).

كم مشاعة ومجانية لغة المديح والمبالغة الساذجة هذه التي تطل علينا يوميا: (الذي لا يتكرر، الذي لا يشق له غبار، الذي... والتي... الخ) من مبالغات ساذجة.

الذي لا يتكرر على مستوى الظاهرة (فيروز)  أنموذجا فهي تشبه الظاهرة التي تحوي حياتنا، هذا الصوت الملائكي الذي نهيم بمديات أثيره صباحا، ظهرا، ليلا... كيف لساذج في الإعلام الفني يقدم لنا: خليفة فيروز التي لا خليفة 

لها.

في شعر العامية العراقية، بلغ مظفر النواب الذروة ولم يتكرر برغم ما تلته من أصوات شعرية مهمة جدا، لكنها لم تبلغه ولم تتجاوزه، لكننا نقرأ ونستمع لمن يطلقون على العديد من التجارب البسيطة لنجدها (لم تتكرر) مع أنها وليدة التكرار نفسه. لكنها لم تولد قائلة:

ياسولة سكتي 

ياطواريك من الظلمه تجيني 

كل مافي الإبداع قابل للتكرار الا الاستثناء.