شهادة الإمام علي الهادي {ع}

منصة 2024/01/15
...

 إبراهيم هلال العبودي 

تتشحُ في الثالث من رجب العتبة العسكرية بالسواد إيذاناً بحلول ذکرى استشهاد الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام، مسموماً على يد الخليفة العباسي محمد المعتز بالله وفارق الحياة يوم الاثنين الثالث من رجب سنة 254 هـ ودفن في داره بسر من رأى (سامراء) عن عمر يناهز 42 سنة. انتقل أمر الإمامة إلى الهادي بعد والده الجواد{ع}، وهو في المدينة آنذاك. وكان له يومئذ من العمر ثماني سنوات. ومدة إمامته نحو أربع وثلاثين سنة، وكان ملوك عصره المعتصم، الواثق، المتوكل، المنتصر، أحمد المستعين بالله، محمد المعتز بالله.

بقي الهادي في المدينة بقية خلافة المعتصم العباسي وأيام خلافة الواثق العباسي، حيث مضى على إمامته 12 عاماً، فلما تولى المتوكل الخلافة، خشي منه القيام ضده فاستقدمه إلى العراق، ليكون قريباً منه يراقبه ويسهل الضغط عليه.

وعندما نزل الهادي مدينة سامراء أسكنه المتوكل في خان الصعاليك لمدة ثلاثة أيام، قبل أنْ يدخلَ عليه. والمتوكل العباسي المعروف بشدَّة بطشه وبغضه لأهل البيت الفاطميين، وأراد أنْ يبقي الإمام علي الهادي “ع” قريباً منه حتى يسهل عليه القضاء عليه أنى شاء. إلا أنه أخذ ينفذ إلى عمق سلطته، ويمد نفوذه إلى المقربين من أنصار المتوكل..


وفاته

وذكر اليعقوبي: أنه اجتمع الناس في دار الهادي وخارجها، وعندما لم تتسع الدار لإقامة الصلاة على جثمانه، تقرر أنْ يخرجوا بالجثمان إلى الشارع المعروف بشارع أبي أحمد وهو من أطول شوارع سامراء وأعرضها، حتى يسع المكان لأداء الصلاة. وكان أبو أحمد بن هارون الرشيد، المبعوث من قبل المعتز العباسي للصلاة على جثمانه لما رأى اجتماع الناس وضجتهم أمرَ بردِّ النعش إلى الدار حتى يدفن هناك.

وظهر أنّه اعتلّ من أثر السمّ الذي سُقي كما جاء فى رواية محمّد بن الفرج عن أبي دعامة، حيث قال: أتيت عليّ بن محمد (عليه السلام) عائداً في علّته التي كانت وفاته منها، فلمّا هممت بالانصراف قال لي: يا أبا دعامة قد وجب عليّ حقّك، ألا أُحدّثك بحديثٍ تسرّ به؟ قال: فقلت له: ما أحوجني الى ذلك يا ابن رسول الله. قال حدّثني أبي محمد بن عليّ، قال: حدثّني أبي عليّ بن موسى، قال: حدثّني أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدّثني أبي محمّد بن عليّ، قال: حدّثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدّثني أبي الحسين بن عليّ، قال: حدّثني أبي علي ابن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا عليّ اكتب: فقلت: وما أكتب؟ فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم الإيمان ما وقرته القلوب وصدّقته الأعمال، والإسلام ما جرى على اللّسان، وحلّت به المناكحة. قال أبو دعامة: فقلت: يا ابن رسول الله، والله ما أدري أيّهما أحسن؟ الحديث أم الإسناد! فقال: إنّها لصحيفة بخطّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) وإملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) نتوارثها صاغراً عن كابر)).

أما السبب في دفن الإمام الهادي (عليه السلام) داخل بيته، فيعود الى حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهاده (عليه السلام) وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء والسخط على السلطة والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام الى الخليفة لتضلّعه في قتله.