احمد كامل السراي
حين متابعتي لفيلم (The Boy Who Harnessed the Wind) والذي تحدث عن قصة صبي من دولة مالاوي الافريقية يدعى {ويليام كمكوامبا} اخترع مضخة مياه تعمل على الطاقة الكهربائية المتولدة من الرياح؛ وهي قصة حقيقية عن شاب يافع استطاع إنقاذ أهل قريته من الفقر والجوع، بعد الجفاف الذي حل بأراضيهم، فاستطاع من تصنيع جهاز قادر على توليد الطاقة الكهربائية عبر الرياح مما ادى إلى تشغيل مضخة ماء قادرة على استخراج الماء من الابار لتسقي مزروعاتهم، وبهذا أنقذ الآلاف من الموت المحقق.
مما يثير التساؤل اذا كان صبي لم يكمل دراسته استطاع بموهبته وذكائه بإيجاد حل عجزت حكومته عن ايجاده، فما بالك بشعب يملك آلافًا مؤلفة من اصحاب الشهادات العليا وبمختلف الاختصاصات، وهذه الشهادات بالتأكيد لم تأتِ من فراغ بل جاءت عبر بحوث فيها افكار وتجارب جديدة تمت مناقشتها عبر لجان تخصصية، واثبتت نجاحها النظري، وبعضها عمليا وقسم منها سجلت براءة اختراع وتلاقفتها المجلات العلمية العالمية في سبيل استغلالها في بعض البلدان، التي تبحث عن الافكار الجديدة.
حيث لفت انتباهي وانا اتطلع على أحد المواقع العلمية برسالة علمية مقدمة من احد طلبة الدكتوراه يدعى “ فراس عبد علي” من الجامعة المستنصرية قسم الهندسة الميكانيكية، وكانت اطروحته (تحسين خصائص خليط أسفلت النفط الخام لتطبيقات خزن ونقل الحرارة ) الأطروحة تهدف إلى تطوير الخلطة الاسفلتية التقليدية من أجل استخدامها في تطبيقات خزن ونقل الطاقة في مجمع الأسفلت الشمسي، ويسهم هذا البحث في تقليل ظاهرة جزر الحرارة الحضرية، إضافةً إلى حماية الاسفلت من التشوه الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، والذي يعتبر مشكلة ازلية في شوارعنا خلال فصل الصيف ويكلف البلد ميزانيات ضخمة عبر اعادة اكساء الشوارع بمادة الاسفلت بشكل متكرر، علاوة على ذلك التلوث البيئي الحاصل من الاسفلت عند ارتفاع درجة حرارته خلال فصل الصيف، فضلا عن ذلك فإن البحث المقدم من قبل الباحث يجد مصدراً للطاقة المتجددة، يمكن استخدامه لتوليد الطاقة الكهربائية للأغراض الخدمية المختلفة.
إن هذا البحث هو أحد آلاف البحوث التي توجد في ادراج الجامعات والتي لم تبصر النور على الواقع العملي، والتي كلفت باحثيها ساعات طويلة وأموال كبيرة في سبيل انجازها وتقديمها كبحث متكامل من جميع الاتجاهات، ويبقى الباحث على امل يُمَني به نفسه بأن يجد بحثه الواقع الحقيقي ليسهم بخدمة مجتمعه وبلده بشكل عام.
نتمنى من الوزارات المعنية وبمقدمتها وزارة التعليم العالي، بحصر البحوث التي فيها براءة اختراع وافكار فيها تجارب حديثة بتطبيقها عمليا على أرض الواقع، وإن كلفت ميزانياتها كثيرا فقد تكون فيها نتائج مستقبلية تخدم بلدنا.
حيث كلفت فكرة الصبي كمكوامبا دراجة والده وهي كل ما يملك، وكان في بداية الامر والد الصبي رافضا للفكرة بتاتا، وقد تعرض الصبي كمكوامبا للضرب من قبل والده، لكن بقي مصرا على تطبيق فكرته، لأنه كان مؤمنا بنجاحها ولها مردودات ايجابية تنقذ شعبه من الموت المحدق. إن فكرة بحث “فراس عبد علي “والتي نال فيها شهادة الدكتوراه بامتياز توجد مثلها مئات، اذا لم تكن آلاف الافكار تحتاج لإبصار نورها لأرض الواقع، لتنال حظوظها في انجاح المشاريع خصوصا، ونحن في عام الانجازات الذي اطلقه السوداني على عام 2024.