د. زيد البيدر
منذ بداية الحرب في غزة، والدول الغربية حريصة على عدم توسيع دائرة الصراع في المنطقة، فلم يخلُ لقاء أو خطاب أو بيان لقادة تلك الدول من هذه العبارة، التي قد تبدو للوهلة الاولى انها تحمل اهداف سامية وغايات نبيلة.
لكنها في الحقيقة اشبه بدس السم بالعسل، فأهدافها شيطانية خبيثة، لا تخرج عن الاستراتيجية الغربية في دعم دولة الاحتلال وازالة المعوقات التي تضعف من قدرتها وقوتها على مواصلة القتل والدمار لبلوغ الهدف النهائي المتمثل باحتلال غزة والقضاء على المقاومة وطرد ما تبقى من سكانها.
فالدول الغربية تدرك حتمية خسارة الاحتلال ودولته الحرب في حال اشغاله بجبهة أخرى، فقد فشلت بتحقيق الانتصار وهي تقاتل بجبهة واحدة رغم ما تمتلكه من قدرة وتفوق عسكري، فكيف بها ان واجهت قوة أخرى؟
منذ بداية الحرب، كثفت الدبلوماسية الغربية جهودها وصاغت استراتيجية واحدة تقوم على توزيع المهام والادوار على اطرافها، لتحقيق الهدف الاعظم الذي يتمثل بمنع دخول اي جهة للحرب، لا سيما حزب الله.
فعند تتبع الاحداث منذ السابع من اكتوبر، نرى أن الدول الغربية ركزت بشكل كبير على حزب الله دون غيره، وذلك واضح في اغلب التصريحات الصادرة من قادتها وإعلامها، لاسيما التأكيد الصادر عن الرئيس الفرنسي ماكرون لعدد من الصحافيين بعد ايام من بداية الحرب، من خلال ارساله بشكل مباشر رسائل إلى حزب الله من أجل منعه الدخول في الحرب عبر السفير الفرنسي في لبنان، ورسائل اخرى نقلتها الحكومة اللبنانية.
لم تقتصر الجهود على الرئيس الفرنسي وحده، بل ان الدول الغربية ارسلت اكثر من (28) رسالة منذ بداية الحرب إلى حزب الله تحذره من دخول الحرب، وهذا ما ذكره وزير الخارجية الايراني في لقائه مع قناة الجزيرة في تشرين الثاني 2023.
إن التركيز الغربي على محاولة منع حزب الله دخول الحرب لا يعني أن الضربات التي توجهها المقاومة في اليمن والعراق وسوريا لدولة الاحتلال الاسرائيلي غير مؤثرة، لكن دخول حزب الله للحرب بصورة مباشرة يجعل خسارة جيش الاحتلال للمعارك في غزة مسألة حتمية، لأنه يمتلك ميزة الالتحام المباشر واستنزاف قوة العدو، نظرا للخبرة والنجاح الذي حققه في حروبه السابقة مع العدو واجباره في النهاية على الانسحاب من جنوب لبنان، فضلاً عما يمتلكه الحزب من اجهزة ومعدات وصورايخ عسكرية متطورة.