ما زلت اتذكر باعتزاز صبيحة ذلك اليوم من شهر ايار من العام 2003 ,حين جذب انتباهي واهتمامي وجود صحيفة ملونة باخبار بارزة ومانشيتات جميلة بين مجموعة من الصحف التي كان باعة الصحف وما كان اكثرهم في تلك الايام يعرضونها امام المواطنين الذين يتذوقون طعم الحرية لاول مرة منذ العام 1968 ,حيث كان الاقبال وقتها على الصحف شديدا بسبب ربيع الحريات الاعلامي الذي انفتحت ابوابه بشدة في تلك الايام بعد حرمان وقهر وقمع استمر لاكثر من ثلاثة عقود ,كانت حرية التعبير والرأي من الممنوعات . كانت “الصباح” وهو الاسم الجميل الذي تم اختياره لهذا المولود الاعلامي الجديد قد حجزت لنفسها مكانا واقبالا لدى القراء منذ اللحظة الاولى لصدورها الذين جذبتهم وانا احدهم تلك الصحيفة بمضمونها واسلوبها الخبري والفني الرائع والجميل لنصبح بعدها من المدمنين على قراءتها ومطالعتها كل يوم ,حيث قررت في وقتها ان اكتب مقالا للصحيفة اخذته بيدي الى هناك ,حيث مقر الجريدة الحالي والتي لا أنسى منها ,كيف استقبلني المحررون فيها بحفاوة وترحيب لاسلمهم المقال الذي كان مكتوبا بخط اليد ,حيث سارع وقتها السيد محرر صفحة الاراء الى اخذه للقسم الفني وطباعته ومن ثم تم نشره بعد ايام قليلة لتنشأ عن ذلك لاحقا قصة جميلة من التواصل مع الصحيفة والكتابة لها ولا تزال مستمرة لحد هذه اللحظة . كان ظهور “الصباح” بثوبها الجميل وبطاقمها الاعلامي الكفوء واحدا من ابرز انجازات مرحلة ما بعد عام 2003 ,حيث حافظت على مكانتها المميزة واستمراريتها من خلال حرص كادر العمل فيها من المحررين والادارات والفنيين على انتهاج الوسطية والاعتدال في اسلوبها الصحفي والابتعاد عن كل ما يمكن ان يشكل عاملا من عوامل الفرقة والاختلاف بين مكونات الشعب العراقي , بل انها كانت حريصة على ان تكون خيمة اعلامية لكل العراقيين بمختلف مكوناتهم وهوياتهم وانتماءاتهم . المهنية والاستقلالية تعدان من بين ابرز عناوين واطر مسيرتها التي كانت ولا تزال حافلة بالنجاحات المتواصلة على الصعيد الاعلامي وحرصها على نقل الاخبار بامانة وحيادية ,فضلا عن فتح صفحاتها لكل المواطنين لنقل شكاواهم وهمومهم مع منح الكتاب والاقلام الواعدة الفرصة للتعبير عن ارائهم بكل حرية من دون قيود او شروط للكتابة فكانت ولا تزال مدرسة وواحة حرية بارزة في اعلام المنطقة قل ان يكون لها نظير في دول الجوار والمنطقة التي لا تزال الحكومات فيها تحرص على تقييد حرية الراي والتعبير ,بل وتحاسب وبشدة اي كاتب اعلامي يمكن ان يختلف مع توجهات الحكومة وسياساتها ,اذ ان هذا لم يحصل عندنا ,حيث حرية الراي متاحة ومتوفرة للجميع وليست هناك من قيود يمكن ان تمنع اي كاتب في صحيفة “الصباح” ليقول رايه بحرية وشجاعة مستمدة من واقع ومناخ صحيفة “الصباح” الاعلامي باعتبارها صوتا وطنيا لكل العراقيين . كان منهج “الصباح” الوطني عرضة للاستهداف من قبل مجموعات الارهاب الظلامية التكفيرية الاجرامية التي استهدفت “الصباح” بحقدها الاجرامي العفن ,حين استهدفت كادرها بهجمات ارهابية عديدة ادت الى استشهاد العديد منهم ,اذ ان هذه العمليات الارهابية لم تنل في النهاية من عزم وارادة هذا الكادر الشجاع الذي تحدى اصعب الظروف ليواصل رسالته الاعلامية المتميزة من دون خوف او تردد من خلال اسناد الاجهزة الامنية وتغطية فعالياتها اثناء عملياتها القتالية البطولية لتحرير المدن والمناطق المحتلة من قبل عصابات داعش
الاجرامية .
واستمرارا لخطها الاعلامي الوطني الحريص على التلاحم الوطني ومواجهة الارهاب فقد قدمت صحيفة “الصباح” العديد من المبادرات والمواثيق الوطنية التي دعت من خلالها الى التاكيد على حرمة الدم العراقي والتضامن والتاخي بين مكونات الشعب العراقي ونبذ العنف وحصر السلاح بيد الدولة والعمل على تعزيز وبناء دولة القانون والمؤسسات وهي مبادرات وجدت صداها لدى كل العراقيين من قادة سياسيين وزعامات دينية ووجهاء اجتماعيين الذين شاركوا في هذه المبادرات والاخذ بمضامينها والعمل بها .
16 عاما مضت على تأسيس صحيفة “الصباح” وهذه الفترة المديدة من عمرها كانت مطرزة بالعديد من الانجازات المتقدمة في مجالات الاخراج والمضمون الصحفي لها والمستوى المتطور لكادرها الذي يعكس احترافية ومهنية عالية جعلت منها عامل جذب للقراء الذين يتواصلون كل يوم مع الصحيفة ويحرصون على اقتنائها باعتبارها بيتا ومنبرا اعلاميا لنا نحن كل العراقيين .