ياسر المتولي
أثارت شابّة عراقيَّة في سؤالها الجريء والمباشر إلى رئيس الوزراء عن مستقبل الشباب وفرص العمل انتباه الملايين واهتمام المختصين بالشأن الاقتصادي حين جاء الردّ من دولة الرئيس بدون الإصلاح الاقتصادي لا يمكن أن نلبي طلبات العاطلين واستحقاقهم وحقوقهم على الدولة والمجتمع.
عن أي إصلاح يتحدث الرجل؟
الإصلاح الاقتصادي الحقيقي لا يمكن أن يتحقق دون استثمار الطاقات (الاستثمار البشري) وهذا الأمر له متطلبات على الدولة مجتمعة بسلطتيها التنفيذية والتشريعية تحقيقها.
قبل أيام أقرَّ مجلس الوزراء مسودة قانون الإصلاح الاقتصادي على أمل مراجعته وتدقيقه من قبل الجهات القانونية العليا في الدولة وإعادته إلى المجلس لرفعه وإقراره بتشريع من قبل البرلمان ليكون ساري المفعول.
ولعلَّ هناك أسساً رصينة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي الحقيقي في مقدمتها فك التشابكات بين القوانين المتداخلة والمتعلقة بطبيعة المنهج الاقتصادي الواضح الذي يتعين اتباعه.
فالكثير من القوانين النافذة الآن متعارضة من حيث المنهج الاقتصادي المفترض تنفيذه منها بقايا قوانين النظام الشمولي القديمة وأخرى من قوانين النظام الحر الحديثة التي شُرِّعت وفقاً للدستور.
هذه التقاطعات تبيح للمسؤولين حرية اختيار القانون الذي يراعي مصالحهم أو لنقل يراعي مستوى توجهاتهم وهذه المسألة بالذات تعوق تحقيق الإصلاح المراد تحقيقه على وفق المنهج الحر (اقتصاد السوق) وللأمانة وبدون تردد أقول إنَّ هذه التقاطعات أسهمت بشكل كبير في تعميق وامتدادات الفساد ذلك لأنَّ قسماً من بعض المسؤولين إما أن يكون قليل الدراية فتمرر عليه الكثير من القرارات الخاطئة والمتعارضة مع القوانين الحديثة وخصوصاً إن كان من غير المختصين قليلي الخبرة أو أن يكون من ضعاف النفوس يغلب مصالحه الشخصية على مصلحة اقتصاد البلد. وهنا مطلوب مراجعة تقييمات الأداء الإداري للمسؤولين من أعلى المستويات إلى أدناها واختيار الكفاءات محلها ويعد هذا الإجراء ثاني أسس الإصلاح الاقتصادي.
وهنا لابد من الإشارة إلى أنَّ المنهج الاقتصادي المتبع وفقاً لما أقرّه الدستور (اقتصاد سوق) وأي إجراء يعوق الدور المطلوب من القطاع الخاص تأديته يعد معوقاً للإصلاح المنشود.
عوداً على ذي بدء فإنَّ المطلوب الآن الإسراع بالمصادقة على القانون ونحن نبدأ عاماً جديداً نأمل فيه الخير بانفراج اقتصادي وسياسي ليستقر اقتصاد البلد وهذه هي بدايات الاستقرار الاجتماعي الذي من أهم سماته خلق فرص عمل للطاقات الشابة.
على أنَّ هذا القانون ورغم عدم اطلاعنا على مضامينه إلا أنه يوحي بوجود بارقة أمل بتصحيح مسارات المنهج الاقتصادي.