أ. د. عماد مكلف البدران
لقد شاع في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر القومي الاتجاه والعقيدة السياسيّة استعمال تسمية (مصر أرض الكنانة) التي نُسبت إلى والي مصر في عهد معاوية بن ابي سفيان عمرو بن العاص، وقد اقترنت مع مد عبد الناصر القومي وراجت، وأصبح الإعلام المصري يروّج لها، وخطابات السياسيين المصريين تصدح بها بعد أن خضعت مصر لعزلة عربية شعبية ورسمية منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع (اسرائيل) عام 1978 فبموجبها حصل الصهاينة على اعتراف رسمي من أقوى دولة عربية آنذاك كانت حدودها في مواجهة مستمرة منذ قيام دولة الكيان عام 1948 ممّا عرض الجبهة العربية إلى الانهيار، واسس لانهيار تدريجي أدى إلى تدمير القضية وتفتت الوحدة العربية، فقد بدأت التنازلات وانطلقت عمليات التطبيع وانكشف ظهر الفلسطينيين لنجد العلم الاسرائيلي يرفرف في أراضي دول عربية عدة مثل الاردن والمغرب والامارات وغيرها ربما تكون خفية، وعلى الرغم من ذلك صمدت تسمية ارض الكنانة في الاعلام المصري الذي اخذ يلح ويلح من أجل العودة إلى الحاضنة العربية، وراح الشعب المصري يتغنى بها رغبةً منه في ان تعود علاقاته الطبيعية مع اخوانه العرب، وعجت الافلام المصرية بدعايات العروبة الزائفة وشعاراتها الجوفاء التي لم تظهر أيّ فعل حقيقي لدعم القضية، بل قدمت مزيداً من الآراء والمقترحات والحلول لجذب العرب إلى (جبهة تطبيع جديدة) وكسر ارادة الوحدة السياسية العربية، ومن ثم كسر ارادة الفلسطينيين لتساعد أرض الكنانة هذه المرة بإيجاد حل مهد لانهيار الهوية الفلسطينية وأقر بتشريد الشعب الفلسطيني ومزق مقاومته مع دعم الرئيس المصري حسني مبارك لاتفاقيات أوسلو التي وقعت بين (اسرائيل) ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 بما عرف باتفاقية الحكم الذاتي الفلسطيني التي كان من المفروض أن تمهد لقيام دولة فلسطينية مستقلة، إلا أن ما حصل هو ابتلاع ما تبقى من أرض فلسطين، وهذه المرة أرض الكنانة تقود جوق المستسلمين تحت لافتة السلام ليتحول الأمر تدريجياً إلى مراحل من التطبيع وسلب الحقوق، ولا يفوتني أن أؤكد للتاريخ حقيقة مهمة أن سياسة الأرعن صدام بعد احتلاله الكويت عام 1990 اسهمت بانهيار الجبهة العربية ودفعت باتجاه ان تتصدر أرض الكنانة المشهد وتتصدر طروحاتها التطبيعيّة المشهد العربي الاستسلامي، وعتبنا اليوم على شعب أرض الكنانة العربي: لماذا السكوت والاستسلام لسياسة النظام العسكري المهادن لإسرائيل؟
والذي همه الاول هو عدم السماح للفلسطينيين بدخول مصر خشية من تهجيرهم إلى مصر، ومن ثم انشاء دولة لهم أو مخيمات دائمة كتلك التي ظهرت منذ عام 1948 خارج حدود فلسطين، فقد عملت المخابرات المصرية وباستمرار من أيام حسني مبارك على ان تكون لاعباً في القضية الفلسطينية لكن من زاوية خدمة التطبيع وان لا تصل نار المقاومة إلى حدودها وضيقت على المقاومة وحاولت وأدها، أما اليوم فإنّ سياسة حكومة مصر هي إغلاق الحدود مع غزة للحيلولة من دون دخول المساعدات، وهذا ما اكده وكيل (اسرائيل) المنتدب للدفاع عن كيانه في محكمة العدل الدولية حينما اتهمه ممثل دولة جنوب افريقيا بتجويع الشعب الأعزل في غزة ممّا جعله يؤكد ان حكومة مصر هي من تمنع فتح الحدود ودخول المساعدات في تصريح واضح وفاضح أمام الرأي العام العالمي ممّا أحرج حكومة مصر التي فنّدت ذلك الاتهام أو الزعم، ونقول لشعب ارض الكنانة القومي اين مظاهراتكم؟
أين سلاح اكتوبر 1973؟، أين غيرتكم وحميتكم؟!، هل ماتت أرض الكنانة وصوتكم المدوّي؟، هل تخشون بطش حكومتكم وأنتم تشاهدون جوع الفلسطينيين وازهاق أرواحهم؟؟.