الأهوار.. مسيرة طويلة من الألم والجفاف

منصة 2024/01/22
...

 علي إبراهـيم الدليمي


تحت عنوان (الأهوار.. مسيرة ألم طويلة) أفتتح على قاعة دائرة الفنون التشكيليّة، في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، المعرض الشخصي الأول للفنانة سهام محمد ظاهر.  ويعد هذا المعرض هو الافتتاح الثاني، (بعدما أفتتح سابقاً، على قاعة حوار للفنون)، وضمَّ ست وعشرين لوحة، بأحجام مختلفة.
استلهمت موضوعات من صلب جغرافية أهوار العراق، التي تعاني من قسوة الجفاف المخيف، ونفوق أنفس الثروة الحيوانيّة البريّة الكبيرة، التي كانت تعيش فيها، فضلاً عن ابتعاد أسراب الطيور المهاجرة للأهوار، التي كانت تتوافد عليها من بلدان عالمية بعيدة، ومن هجرة الصيادين فيها
وغيرها.
أهوار العراق، التي كان يطلق عليها تاريخيّاً بـ (جنة الله في الأرض) أصبحت الآن مكاناً جغرافيّاً لا يصلح للعيش فيه أبداً، بسبب شح المياه وانقطاعها من كل الاتجاهات.. وحاولت الفنانة سهام الظاهر، أن تستلهم هذا الألم الموجع، والمأساوي المتواصل، وتستبدله بلغة لونيّة مبهجة، فيها سرور وأمل، فهي لا تريد أن تقطع السبل عن العودة في يوم ما إلى هذه البقعة الجميلة في العالم، بمجرد عودة المياه إليها.
جعلت محمد من لوحاتها كرنفالاً طافحاً بكل الألوان الحارة والباردة وما بينهما، وكأنّها في احتفاء فلكلوري بهيج من المشاحيف الطويلة الرفيعة، وبيوت القصب والبردي المبنية بهندسة متميزة وخبرة مهنية رائعة، وحركة الصيادين المبهرة وهم يصطادون الأسماك بواسطة آلة "الفالة" المعروفة، وحتى أنّها رسمت وجوداً معنويّاً للماء وهو يحمل الناس في مشاحيفهم وسط الهور، وكل هذه الرمزيات تناولتها بحرية تامة وبألوان إعادة الأهوار لحياة جديدة، فلكل رمز منها له ألوان عدة، وحتى السماء تنوعت بألوان كثيرة ومتنوعة، كل شيء في أعمال سهام يقول إنّ "هذا هو شكل الأهوار عندما ستعود لها مياه الأمطار أو الأنهر،
عاجلاً أم آجلاً". من جانبها قالت سهام الظاهر، إن "المعرض، يتحدث عن موضوع جفاف الأهوار الذي يُعد جزءاً من حضارة وتاريخ العراق"، موضحة أنّ "أعمالها الفنية المعروضة تحمل ثيمة مشتركة واحدة وهي المشحوف".
 وأضافت أنّها "حاولت نقل آلام الأهوار ومعاناتها بطريقة وأسلوب مغايرين من خلال اللون أو المفردة في رسالة موجهة للمتلقي بأنّها ما زالت تنبض بروحها الجميلة وناسها الطيبين ونسائمها
العذبة".
الناقد الجمالي محمد الكناني، قال إن "تجربة الفنانة سهام محمد تضعنا أمام خيارات متنوعة للرؤيا والمشاهدة بفعل التنوع المشهدي والتقني الذي يُرسم حدود تجربتها الغنية بمادتها
وحضورها...".
بينما يقول ابنها الناقد تراث أمين عباس: لعل من أهم صياغات الصورة في التشكيل هو إعادة إنتاج المكان برؤية افتراضية تخلق تقابلاً جمالياً بين وجود المكان الفيزيقي ووجوده الافتراضي في ذهنية الفنان. وهذا ما اشتغلت عليه الفنانة سهام محمد ليكون مساراً في سلسلة أعمالها الأخيرة التي تضع نصب مخيلتها صورة المكان ومحددة إياه
(بالأهوار)...". الفنانة سهام محمد، من مواليد بغداد، حاصلة على ماجستير فنون، وتعمل تدريسية في معهد الفنون الجميلة للبنات، كما وكانت قد شاركت في العديد من المعارض داخل العراق وخارجه، وحصلت على العديد من شهادات التقدير ودروع متميزة لمشاركاتها الفعّالة، فهي عضو في كل من جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، ونقابة الفنانين العراقيين.