سجاد السعدون.. حين تتحوّل الإعاقة إلى مصدر قوَّة

ولد وبنت 2024/01/22
...

 احمد نجم


يؤرخ سجاد السعدون لمراحل حياته المهنية والدراسية بعدد الكسور والرضوض  التي تعرضت لها عظامه في كل مرحلة من تلك المراحل ، فهو مصاب بنوع نادر من هشاشة العظام، تتسبب به خلايا خبيثة داخل نخاع العظم، تؤدي إلى ليونة العظام وسهولة كسرها عند اي سقوط أو اصطدام مهما كان بسيطا.
تجربة هذا المرض القاسية التي ابتدأت منذ ولادته لم تزده إلا قوة وتحديا، فقد تمكن من تجاوز مراحله الدراسية بتفوق كبير، رغم الكسور التي عانى منها في كل مرحلة والتي لا يزال يتذكر عددها بدقة، وتخرج قبل سنوات كأحد الاوائل على قسم الاتصالات بكلية الهندسة، ليأخذ بعد ذلك على عاتقه مهمة نبيلة تمثلت بتمكين وانصاف شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة في ديالى.
ورغم ان قصة نجاح سجاد  البالغ من العمر 26 عاما وبطول لا يتجاوز 144 سم جعلته بنظر الكثيرين من ذوي الهمم وغيرهم قدوةً ومثلًا أعلى في مواجهة الظروف وتجاوز التحديات وعدم الاتكاء على الاقدار، الا انه لا يكتفي بتقديم تلك القصة الملهمة فقط، بل يسعى لانقاذ هذه الشريحة وخاصة الاطفال لانه لا يريد أن يمروا بما مرَّ به خلال حياته.
يقول السعدون في حديث لـ " الصباح " إن جميع المدارس والجامعة التي درس فيها لم تكن متكيفة ولو بالحد الادنى، لاستقبال الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، بدءًا من غياب المصاعد أو ممرات صعود الكراسي المتحركة أو دورات المياه الخاصة بهم، أو الكوادر المدربة للتعامل مع بعض الحالات التي تتطلب تعاملا خاصا.
وعانى السعدون إضافة لهشاشة العظام النادرة من "صدر الحمام"، وهي صغر حجم الصدر نتيجة لتقوس العمود الفقري، ما قد يشكل خطرا على القلب، فضلا عن أمراض مزمنة اخرى مثل الربو وفقر الدم الحاد وضعف العصب السمعي وسرطان المرارة.
يرفض السعدون وبقوة كل أشكال الاستغلال السياسي والاعلامي لقضية ذوي الاحتياجات الخاصة، ويبحث عن سبل لمعالجة جذرية للمعوقات التي تواجههم، فهو يرفض ما اسماه "الاسلوب الترقيعي"  ومؤتمرات التكريم والشهادات التقديرية والكلام الانشائي، ويسعى بدلا من ذلك إلى تحقيق خطوات تمكّن ذوي الهمم من العيش بكرامة وتحقيق الطموحات.
يشغل السعدون حاليا منصب مستشار محافظ ديالى لشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتحدث بفخر عمّا استطاع انتزاعه من حقوق وأساسيات خلال الفترة القصيرة الماضية مثل فرص العمل التي وفرها لزملائه من ذوي الاعاقة وتفعيل العمل بتخصيص نسبة 5 % من الدرجات الوظيفية لشريحة ذوي الهمم ، وتجهيزهم بالكراسي المتحركة وفتح وحدات ارشادية في المستشفيات.
حين كان سجاد بعمر الست سنوات قالت له اخته وهي تلفظ أنفاسها الاخيرة في هذه الحياة، وكانت تعاني من امراض اشد واعقد مما يعانيه هو ، قاله له " كمل المسيرة لا توكف " ، يروي سجاد ذلك بعيون دامعة، ومنذ ذلك اليوم لم تتوقف مسيرته التي تحولت لمصدر الهام يستمد منها جميع من يعرفه القوة على مواجهة التحديات.