الاحتيال المالي

اقتصادية 2024/01/23
...

 سمير النصيري



بسبب التحديات والظروف الاقتصاديَّة الصعبة والمعقدة التي واجهتها الحكومة والبنك المركزي في 2023 بسبب التذبذب في أسعار الصرف للدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي وللتعليمات والتسهيلات والضوابط والحزم التي أصدرها البنك المركزي لتوفير الدولار النقدي للمسافرين والدارسين خارج العراق وللتجار الصغار الذين لا يدخلون المنصة الإلكترونية.

تم تشخيص عدد من حالات الاحتيال المالي بإدخال وإخراج الأموال عبر الحدود العراقية واستغلال ذلك في عمليات تزييف العملة وغسل الأموال مما يدخل في باب الجرائم المالية التي يقاضي عليها القانون العراقي، لذلك أعلن البنك المركزي أنه يقوم حالياً ويحث المصارف أيضا على القيام بحملة إعلامية وإعلانية واسعة لتحذير المواطنين من خطورة ممارسة هذه الأعمال المخالفة للتعليمات ومدى تأثيرها في الإضرار بالاقتصاد الوطني.

هنا نود توضيح تطور أساليب وممارسات الأشخاص والشركات المتورطة بالجرائم المالية أو ما يطلق عليها بالجرائم الاقتصادية في أغلب دول العالم التي يمكن تحديدها بجرائم غسل الأموال وجرائم الدفع الإلكتروني وتزييف العملة وتزوير الأوراق المالية وجرائم الاحتيال المالي الأخرى. 

إنَّ الأجهزة الحكومية والأجهزة القضائية والرقابية عدّلت قوانينها النافذة وطوّرت الوسائل الإجرائية والإلكترونية للحد من هذه الجرائم للمحافظة على أموالها واقتصادها الوطني.

 والعراق كغيره من الدول نشّط أجهزته ومؤسساته الاقتصادية والتشريعية في مكافحة هذه الجرائم حيث أصدر قانون مكافحة غسل الأموال رقم 39 لسنة 2015 الذي تضمن 12 فصلاً ومواد حددت الجرائم المشمولة بالقانون والعقوبات لكل جريمة مالية.

كما يلتزم بالمعايير الدولية التي تحد من تبييض الأموال الصادرة عن (FATF) إضافة إلى جرائم التزييف والتزوير والاحتيال التي ينص عليها قانون العقوبات العراقي والتعليمات التي تصدرها السلطة المالية والسلطة النقدية ممثلة بالبنك المركزي العراقي ووزارة المالية لمكافحة هذه الجرائم بهدف المحافظة على أموال العراق وبشكل خاص عملته الأجنبية لما لتأثير هذه الجرائم في الاقتصاد الوطني وخلق أزمات اقتصادية ومالية خانقة له وانعكاس ذلك على التنمية المستدامة. 

فالأمر الخطير عدم التزام المؤسسات المالية والمصرفية بقواعد الامتثال مما يعني تعرضها إلى المخاطر المالية والقانونية وأهمها مخاطر السمعة التي تؤثر بشكل مباشر في تعاملات العراق الاقتصادية والمالية والمصرفية الدولية التي تؤثر في العلاقات الاقتصادية الخارجية للعراق مع دول العالم وبشكل خاص على التعاملات المالية والمصرفية للبنوك العربية والأجنبية المراسلة ولكن القوانين وحدها والإجراءات القضائية الداخلية لا يمكنها وحدها مكافحة هذه الجرائم المالية مما يتطلب تطوير أساليب الرقابة الاستباقية المحلية والدولية باعتماد آليات وسياسات تنظمها اتفاقيات دولية للتعاون في الحد من الجرائم المالية ذات العلاقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم المالية الإلكترونية الخاصة بعمليات الدفع الإلكتروني والتوصل إلى المستفيد النهائي.

بات تدريب وتأهيل ملاكات رقابية وفنية مختصة في موضوع غسل الأموال وتطبيق المعايير الدولية في هذا المجال أمراً حتمياً، لذلك نقترح قيام البنك المركزي العراقي ورابطة المصارف الخاصة العراقية والقضاء العراقي بتنظيم دورات تأهيلية وتدريبية متخصصة شبيهة بالدورات التي أقيمت في الأعوام 2017 و2018 داخل وخارج العراق شارك في الانتظام فيها الكوادر المصرفية والقضائية بشكل مشترك لتبادل الخبرات والتعاون في ما بينها للحد من الجرائم المالية والاقتصادية.