مَرَوي .. معالم أثريَّة تُهدِّدها الحروب

ثقافة شعبية 2024/01/25
...

 إعداد: ثقافة شعبية


للحروب صوت أعلى من العقل، وخسائرها لا تقتصر على الإنسان واقتصاده فحسب، بل قد تلتهم تاريخ البلاد والمدن التراثيَّة التي يفخر بها العالم، وما حصل للموصل وآثارها ومدنها وملامحها التاريخيَّة من استهداف من قبل عصابات داعش الإرهابيَّة، الضالة والمتخلّفة التي بعثرت الآثار وهدمت الشواخص التاريخيَّة في الموصل الحبيبة لا يختلف كثيراً عن تلك الحرب الدائرة في السودان وقرب مدينة تاريخيَّة يمتدُّ وجودها الى آلاف السنين وتدعى مروى، مدينة سودانيَّة أثريَّة، وهي العاصمة الثانية لـ "مملكة كوش" التي ظهرت في أقصى شمال السودان عام 750 قبل الميلاد وسقطت عام 300 ميلادي. 

ويوجد بالقرب منها مجموعة من أهم المعالم الأثريَّة مثل المعابد الدينيَّة وأهرامات "البِجْراوية"، والتي أعلنتها اليونسكو موقعاً للتراث العالمي عام 2011. 

إذ، أعربت منظمة الأمم المتحدة للتربيّة والعلم والثقافة (اليونسكو) عن قلقها أزاء النشاط العسكري في الجزيرة التاريخيَّة، إذ توجد ثلاثة مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي، داعية المتحاربين إلى عدم "استهدافها" أو "استخدامها" عسكريَّاً.

وتقول اليونسكو في تعريفها للجزيرة إنَّها "كانت مقرّاً للحكّام الذين احتلّوا مصر لما يقرب من قرن ونيّف، من بين آثار أخرى، من مثل الأهرامات والمعابد ومنازل السكن وكذلك المنشآت الكبرى".

تقع مدينة مَرَوِي التاريخيّة على الضفة الشرقية لنهر النيل وتبعد عن العاصمة الخرطوم مسافة 200 كيلومتر في اتجاه الشمال، وهي عبارة عن مناطق شبه صحراويَّة بين نهر النيل ونهر عطبرة.

بالنسبة لمدينة مروي الحديثة التي تقع في منطقة الشمال وتربط بينها وبين جنوب منطقة النوبة، هي أرض لمختلف القبائل السودانيَّة فسكانها هم الشايقية الذين يعتبرون السكان الأصليين لها، ثم الرباطاب والدناقلة والمحس وغيرهم من القبائل العربية التي سكنت المنطقة وما زالت حتى اليوم.

انقسمت مملكة كوش إلى فترتين، الفترة الأولى هي الفترة النبتية، نسبة لمدينة نبتة، العاصمة الأولى لمملكة كوش، التي استمرت من عام 750 قبل الميلاد وحتى 270 قبل الميلاد.

وامتدت الفترة الثانية من عام 270 قبل الميلاد إلى 300 ميلاديَّة، حيث أصبحت مدينة مروي التاريخيَّة عاصمة لمملكة كوش في هذه المرحلة.

بدءاً من عام 750 قبل الميلاد اعتبرت مروي المركز الإداري الجنوبي لمملكة كوش، في وقت كانت فيه مدينة نبتة عاصمة لها، ولاحقاً أصبحت مروي منطقة واسعة ومزدهرة.

وتُعد الأهرامات في مروي، العلامة الأكثر لفتاً للنظر في المنطقة، حيث بُني العديد منها خلال الفترة ما بين عامي 720 قبل الميلاد و300 قبل الميلاد. ولم تكن كلها مخصصة للعائلة المالكة، فالنبلاء دُفنوا في الأهرامات أيضا.

بلغ عدد الأهرامات التي تم اكتشافها أكثر من 200 هرم، يتراوح ارتفاعها في المتوسط ما بين 6 إلى 30 متراً عن سطح الأرض، وبُنيت لتكون مقابر لملوك وملكات المملكة المروية القديمة.

وتوضح النقوش المنحوتة داخل الأهرامات أن الملوك المرويين كانوا يدفنون بجانب بعضهم مع مجموعة من الكنوز، بما في ذلك المجوهرات الثمينة والأسلحة والأثاث والفخار، لكن هذه الأهرامات أصبحت خالية من الزخارف، بسبب عمليات التنقيب.

وتختلف أهرامات مروي عن أهرامات مصر بأنّها أكثر انحدارا، بسبب استخدام "آلة الشادوف" في بنائها (رافعة خشبيَّة بسيطة تستند إلى القوة البدنيّة للعمّال وكانت توضع في الوسط ويتم بناء الهرم من حولها).

ومن أبرز المعالم الأخرى في مروي أيضاً المعابد وقصور الملوك ومنازل السكن والمنشآت الكبرى وتتصل جميعها بشبكة مياه.

من الأعلام الذين ذاع صيتهم في مروي التاريخيَّة الملك أركماني الأول، والذي تولّى الحكم من عام 270 إلى 260 قبل الميلاد، وهو الملك الذي نقل العاصمة الكوشية من مدينة نبتة إلى مروي بشكل تدريجي، ثم الملكة أماني شخيتو.

التي حكمت نحو 45 - 15 قبل الميلاد، وتعد الأشهر بسبب ما اكتشف من آثارها ونقوشها التي عُثر عليها في 6 مواقع مختلفة، وبعدها الملكة أماني توري التي حكمت من 15 قبل الميلاد إلى 15 ميلادي، ولوحظ أنّها تُذكر وتُصور دائماً مع شريكها في الحكم الملك نتك أماني، الذي ربما كان زوجها أو ابنها.

وعُثر على ألقاب لأماني توري مصحوبة باسمها في عدة مواقع مكتوبة بالمصري أو المروي ومنها "نسو- بيتي" و"نب- تاوي" و"مري- كا - رع". وشاركت أماني توري شريكها نتك أماني في بناء معابد آمون بمروي.