إسرائيل تتلقى معلوماتٍ استخباراتيَّة عن حماس والرهائن من الحليف الأكبر

بانوراما 2024/01/28
...

  غادي زيج
  ترجمة: بهاء سلمان

يبدو أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية قامت بتزويد إسرائيل بمعلومات عن كبار قادة حركة حماس الفلسطينية، وعن مواقع الرهائن المتبقين الذين احتجزتهم الحركة الناشطة في غزة منذ بداية الحرب الأخيرة.
فبحسب تقارير نشرتها صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، نقلا عن مسؤولين أميركيين، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إن الولايات المتحدة لم تزود إسرائيل بمعلومات استخباراتية عن {عناصر المستوى المنخفض أو المتوسط في حركة حماس}. كما تشير التقارير إلى اعتقاد بعض المسؤولين الأميركيين بأن استهداف أعضاء حماس ذوي المستوى المنخفض، هو أمر {مضلل}، لأنه {يمكن استبدالهم بسهولة وبسبب المخاطر غير المبررة على المدنيين}. وقال المسؤولون الأميركان أيضا إن الغارات الجوية الإسرائيلية في غزة يمكن أن تؤدي في النهاية إلى خلق المزيد من مقاتلي حماس.
وأشرفت وكالة المخابرات الأميركية على تشكيل قوة عمل جديدة هدفها تبادل المعلومات مع إسرائيل وجمع معلومات استخباراتية، عن مكان وجود الرهائن الذين لا يُعرف بالضبط أماكن وجودهم، وقد كشفت بالفعل عن معلومات عن كبار قادة حركة حماس. وجاء تشكيل هذه القوة بأمر من مستشار الأمن القومي الأميركي “جيك سوليفان”، مباشرة بعد العملية المباغتة، التي نفذتها قوات حماس صبيحة السابع من تشرين الأول، وذلك عبر إرسال مذكرة إلى وكالات المخابرات ووزارة الدفاع، وفقا للتقرير.
وكانت إحدى أولويات فرقة العمل هي جمع معلومات عن الحالة الجسدية والعقلية للرهائن. وتحدثت التقارير عن أن مدير وكالة المخابرات المركزية “ويليام بيرنز” كان يتواصل مع رئيس الموساد “ديفيد بارنيا” من أجل إطلاق سراح بقية الرهائن المتبقين.

نصائح تقنيَّة آمنة
وذكر تقرير لقناة N12  قبل أيام بأن القوات الإسرائيلية تسيطر رسميا على 60 بالمئة من قطاع غزة بأكمله، وأنها تمكنت إلى حد ما من إضعاف قوة حركة حماس في مناطق شمال غزة، وأنها تتحرّك لتنفيذ المزيد من الغارات في مناطق معينة. علاوة على ذلك، يركّز الجيش الإسرائيلي على زيادة الضغط العسكري على منطقة خان يونس، على افتراض أن فقدان سيطرة قوات حركة حماس على المنطقة سيعزز موقف المفاوضات من أجل إطلاق سراح الرهائن الاسرائيليين.
ويعتقد مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن عودة سكان شمال قطاع غزة إلى مناطقهم التي كانوا فيها قبل أن يتم تدميرها بفعل القصف الجوي الاسرائيلي لها، يمكن أن تستخدم كورقة مساومة في المفاوضات مع حركة حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن، بحسب التقارير الصحفية المتوفرة لدى القناة. بالإضافة إلى ذلك، وبحسب المصادر، يعتقد المسؤولون الاسرائيليون أنه من الضروري خلق بديل حكومي لحركة حماس، لكن حكومة تل أبيب ليست حاسمة في هذا الشأن.
وفي ما يتعلق بالمعلومات التي قدمتها وكالة المخابرات المركزية لإسرائيل، لم يذكر التقرير أن المعلومات المقدمة كانت ذات فائدة تذكر. وكانت إسرائيل قد أبلغت الولايات المتحدة باعتقادها أنها قد قتلت ثلث القوة العسكرية البشرية لحركة حماس منذ بدء القصف الجوي الاسرائيلي تحت عنوان “عملية السيوف الحديدية”، وكان لدى الحركة ما بين 20 إلى 25 ألف مقاتل قبل الهجوم الذي شنته يوم السابع من تشرين الأول الماضي.
وتحدثت صحيفة نيويورك تايمز عن اعتقاد المسؤولين الأميركيين بوجود زعيم حركة حماس “يحيى السنوار” ضمن القوة الموجودة في أعمق أجزاء شبكة الأنفاق التابعة للحركة تحت مدينة خان يونس في جنوب غزة، كما يعتقد هؤلاء المسؤولون أن الرهائن الإسرائيليين موجودون أيضا في نفس الموقع الذي يوجد فيها السنوار.
كما لم تكن لدى الولايات المتحدة أية معلومات استخباراتية بشأن صالح العاروري، نائب زعيم حماس الذي اغتيل في بيروت قبل أسابيع. وكانت الولايات المتحدة قد نفذت المزيد من طلعات الطائرات بدون طيار فوق غزة، وكثّفت الجهود لإعتراض الاتصالات بين مسؤولي حركة حماس، لجمع معلومات صالح القوات الإسرائيلية.
كما رفعت وكالة المخابرات المركزية الأميركية الجماعة الفلسطينية من المستوى الرابع إلى المستوى الثاني من الأولويات، مما يعني ضمنا أنه يتم توظيف المزيد من الموارد لجمع المعلومات الاستخبارية الأميركية عن حركة حماس.
وكانت جنوب أفريقيا قد طلبت من قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي، فرض إجراءات لوقف الصراع على الفور، متهمة إسرائيل بانتهاك معاهدة الأمم المتحدة للإبادة الجماعية، بينما ردت تل أبيب باتهام جنوب أفريقيا بـ”التشويه بشكل صارخ” لحقائق الحرب في غزة من خلال رفع قضية إبادة جماعية ضدها إلى المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة

تواصل المراقبة
وأشارت المصادر الأمنية إلى أنه حتى لو تم تقديم معلومات إلى إسرائيل حول مواقع كبار القادة مثل يحيى السنوار، أو القائد العسكري الغامض لحركة حماس “محمد ضيف”، فقد لا تتمكن إسرائيل من التصرّف على الفور بناء على هذه المعلومات.
وردد المسؤولون الأميركيون تقارير في إسرائيل هذا الأسبوع مفادها بأن موقع السنوار في عمق أنفاق غزة معروف لإسرائيل، لكن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع الهجوم لأن العديد من الرهائن الاسرائيليين موجودون في الموقع ذاته.
ووفقا للتقرير، تريد الولايات المتحدة الأميركية أن تنقل إسرائيل حربها في غزة من محاولة قتل نشطاء حماس على جميع المستويات إلى التركيز على ملاحقة كبار القادة فقط.
وتقول إسرائيل إنها قتلت أكثر من 8500 مقاتل من حركة حماس في غزة، إلى جانب ألف آخرين قتلوا في إسرائيل يوم السابع من تشرين الماضي.
وأشارت التقارير الواردة عن حركة حماس إلى أنها يمكنها بسهولة استبدال العناصر ذات المستوى المنخفض بأخرى في حالة زيادة الخسائر البشرية العسكرية الفلسطينية.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن تركيز اسرائيل على قتل القادة الفلسطينيين من شأنه أن يساعدها في تقليل الخسائر بين المدنيين في غزة، وإذا نجح هذا الأسلوب فإنه سيمنح السياسيين الإسرائيليين “مزيدا من الحرية مع الجمهور الإسرائيلي لإنهاء الحملة العسكرية في غزة”، لكن المسؤولين الأميركيين لم يتحدثوا عن حجم الخسائر البشرية المدنية في غزة بسبب القصف المستمر.
وأشار التقرير إلى أن من بين الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة زيادة في الطلعات للطائرات بدون طيار فوق غزة. وتركز فرقة العمل أيضا على تحديد مكان الرهائن وتقديم المعلومات عن أحوالهم. وأشار التقرير إلى أن مدير وكالة المخابرات المركزية “ويليام بيرنز” شارك بشكل وثيق في المفاوضات التي أدت إلى حصول اتفاق عمل على إطلاق سراح بعض الرهائن. ورفضت وكالة المخابرات المركزية التعليق على التقارير المتعلقة بدورها في العمليات العسكرية أو المفاوضات التي أدت إلى اطلاق سراح بعض الرهائن.
ومن المعتقد أن 132 رهينة احتجزتهم قوات حماس في السابع من تشرين الماضي ما زالوا في غزة، وأنه ليسوا جميعهم على قيد الحياة، بعد إطلاق سراح 105 مدنيين من الأسر، وذلك من خلال مفاوضات استلزمت وضع هدنة بين الطرفين استمرت أسبوعا في أواخر شهر تشرين الثاني الماضي.
وتم إطلاق سراح أربعة رهائن قبل الدخول في مفاوضات تبادل الرهائن مع سجناء فلسطينيين في سجون اسرائيل، وأنقذت القوات الاسرائيلية أحد الرهائن؛ كما تم انتشال جثث ثمانية رهائن، بينما تسبب النيران الاسرائيلية الخطأ بقتل ثلاثة من الرهائن عن طريق الخطأ. وأكد الجيش الإسرائيلي مقتل 25 فردا من الذين ما زالوا محتجزين لدى حركة حماس، مستشهدا بمعلومات استخباراتية جديدة ونتائج حصلت عليها القوات الاسرائيلية العاملة في غزة.
كما تم إدراج شخص آخر في عداد المفقودين منذ عملية السابع من تشرين الأول الماضي، ولا يزال مصيره مجهولا. وتحتجز حركة حماس أيضا جثتي جنديين من الجيش الإسرائيلي، هما: “أورون شاؤول” و”هدار غولدين” منذ حرب العام 2014، بالإضافة إلى اثنين من المدنيين الإسرائيليين، هما: “أفيرا منغيستو” و”هشام السيد”، اللذان يعتقد أنهما على قيد الحياة بعد دخولهما القطاع بمحض إرادتهما في خلال العامين 2014 و2015 على التوالي.

عن موقع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية