مهنيون مهادنون !

آراء 2019/05/23
...

سعدي السبع
 
أفرزت الاحتجاجات الشعبية في الجزائر والسودان وقبلهما تونس ومصر عن  الفاعلية السياسية والجماهيرية للنقابات والاتحادات المهنية في التغير الجذري بالخارطة السياسية لتلك الدول من خلال الاطاحة برؤساء وانظمة حكم استمرت لعقود وكان للمهنيين سبق تصدر التظاهرات المطالبة بالتغيير والاصلاح الى جانب القطاعات والفعاليات الاخرى التي خرجت الى الشارع ايضا للغرض ذاته
ذلك ما يثير السؤال عن حال مثيلاتها المهادنة في دول عربية اخرى وخصوصا تلك التي تعاني شعوبها من اوضاع متدنية وسيئة وتكابد من سياسات القمع والتسلط والاستبداد حيث لم نلمس منها طوال سنوات طويلة غير اصدار البيانات الشكلية الجاهزة التي لا تتضمن الا دعوات الشجب والاستنكار والتي لاتتوافق مع حجم وهول الاحداث وكذلك اصدار بيانات اخرى لتجديد العهد والولاء للحاكم في المناسبات وبدونها كما يدعونا ذلك الى الاستفهام عن دور وضرورة وجود العديد من المنظمات والاتحادات العربية والاقليمية  خصوصا تلك التي مضى على تأسيسها زمن طويل يمتد بعضه الى منتصف القرن الماضي فلم تكن الا جثثا هامدة في الزمن الحاضر بعد انطفاء الروح فيها وغابت عن الحضور منذ أمد بعيد اثر تحولها الى واجهات حزبية وديكورات قطاعية لانظمة الحكم واولياء
  النعم.
ولم ير الساعون الى مواقع قيادية نقابية الا سبيلا للثراء والجاه من دون اعتبار للمسؤولية الوطنية والمهنية وتبني قضايا وهموم هذه الشريحة او تلك ضمن الهم والتطلع الشعبي العام ولم تفلح الندوات والمؤتمرات العديدة باصلاح الامة وانتشال حال المواطن العربي نحو الافضل بل كان اغلبها من اسباب الخراب والتخلف جراء تبعيتها وذيليتها الحزبية والحكومية .
ولايمكن لاحد أن يغفل السيرة النضالية لاتحادات ونقابات عراقية في مواجهة انظمة الحكم المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية وتعرض الكثير من اعضائها الى السجن والاعدام والنفي اثر المطالبات بالحقوق المشروعة غير ان الخدر والنمطية اكتنف عمل بعض تلك المنظمات  الذي لم يعد ينسجم مع تاريخها المهني والوطني بعد تغيير الحال والاحوال ذلك لغياب واختلاف الشاغل والدوافع والمطامع التي يخفيها احدهم لبلوغ موقع ما لتحقيق طموحاته بطرق مشروعة وغير مشروعة.
وفي عودة الى الماضي نستذكر الانموذج النقابي السياسي البولندي ليش فاليسا رئيس نقابة العمال ( تضامن ) من عام 1980 لغاية 1990 وقيادته الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية التي كانت من اسباب تحول بولندا الى نظام ديمقرطي جديد وبلوغ فاليسا منصب رئيس الجمهورية فضلا عن  نيله جائزة نوبل للسلام
تحية للمهنيين العراقيين  ووقفة حق وانصاف امام النقابات والاتحادات الفاعلة في العراق الديمقراطي الجديد .