مابي.. مندوبة الأدوية التي أنقذتها كاميرا

ولد وبنت 2024/01/29
...

  عواطف مدلول

«رب ضارة نافعة» هذا المثل ينطبق تماما على ما حصل لـ(مابي)  قبل أن تهتم بهواية التصوير، فتنقلها إلى عوالم جديدة تغير كثيرا بشخصيتها وطموحاتها، حيث لم تتوقع أن تخوض بذلك المجال للدرجة التي يصبح كل حياتها، إلا أن حدثا سيئا مرت به أجرت خلاله عملية جراحية، جعلتها لا تستطيع المشي لمدة ستة اشهر، وعلى إثره تركت عملها مؤقتا كمندوبة أدوية، وخلال تلك الفترة الصعبة الملبدة بغيوم الألم والحزن، أخذت تبحث عن شيء يقتل مللها ويكسر حاجز الروتين والكآبة التي أصيبت بها، وسط أغراضها وجدت تلك الكاميرا المنسية، لتكون المنقذ الذي أخرجها من عتمة اليأس.

  وأضحت رفيقتها الوحيدة، والسر الذي أعاد لها الحياة مجددا، ودفعها لأن تحرك أقدامها وتسير بشكل طبيعي مرة ثانية بحسب ما تقول، وتؤكد مآب  رعد فرحان المعروفة باسم مابي مضيفة: إن التصوير بات مثل (اليوغا) بالنسبة لي، فعندما أرغب بالهروب من الضغوطات أو تهزمني الظروف وتخنقني، أسرع للمغادرة والسفر من أجل التقاط أروع الصور، التي تجعلني أتنفس بعمق فتحقق لي ارتياحا نفسيا لا مثيل له.

مبينة: يبدو أن مهارة التصوير موهبة لم اكتشفها إلا مؤخرا في عام 2015 بالضبط، كونها لم تكن ظاهرة إلا بعد أن عصرني الوجع وهجم عليَّ، وكأن شمسا بداخلي أطلقت شعاعها، وتجسدت بتلك الهواية التي أثارت عندي شغفا من نوع آخر، متمثلا بعشق السفر، حيث صرت أقصد دولًا عدة كثيرة، ليس للسياحة أو الاستجمام، إنما اذهب خصيصا لتصوير مكان ما فيها أو ظواهر وحالات اجتماعية وانسانية اشاهدها، فتسحرني ولا أتركها دون أن أدوّنها وأسجلها ضمن إنجازاتي، التي أسعى أن تكون

متميزة.  

كما تشير إلى أنها خلال جولاتها ورحلاتها لم تجد أي صعوبات ولا حتى مضايقات تذكر، فهي لا تتوقف امام أي هدف تسير نحوه مهما تكن المخاطر من حولها، وحصلت بالفعل مواقف كادت تسبب لها أذىً وخوفًا واجهتها بعدم اليأس أو التراجع عن حبها للتصوير.

مابي مندوبة أدوية في شركات عدة لمدة عشر سنوات على التوالي، وطالبة صيدلة أونلاين خارج العراق، حيث إنها خريجة بكالوريوس كيمياء، لم تدرس التصوير واقتحمته بحبها الشديد له، وذلك ما جعلها تستثمر الفرص وتعمل جاهدة لخلقها، من أجل التطور والإبداع فيه تعلل ذلك بقولها: فضلت أن أدخل ذلك العالم لوحدي حتى أفهمه من وجهة نظري أنا، لذا بدأت بمتابعة أمهر المصورين، وتعرفت على الزوايا والأسرار التي يتبعونها، وأعجبت كثيرا بالأوروبيين والأتراك، ووجدت أن الاختلاف كبير بينهم وبين المصور العربي أو المحلي، فالأخير يكاد يكون أفقه محدودا بنطاق ضيق، ولأسباب لربما تتعلق بطريقة العيش والبيئة، وكذلك مستوى التعلم هنا، أو قد تكون هناك عوامل أخرى.

من بين اهم الصور التي لاقت إعجابا وقبولا واسعا تلك التي التقطتها لبعض الفنانين العرب، الذين حضروا إلى العراق، وأحيوا حفلاتهم فيها مثل اليسا وفارس كرم ومروان خوري وغيرهم، حيث قاموا بنشرها في صفحاتهم الخاصة بالسوشيال ميديا، مشيرين إلى صاحبة الأنامل التي التقطت تلك الصور لهم. 

اما الجلسة التي عملت انقلابا وحدثت حولها ردة فعل بين الرفض القبول، والانتقاد والاعجاب وقد حصلت على مشاهدات واسعة في وسائل التواصل، كانت لطلبة كلية الطب في جامعة بغداد عام 2018 اثناء تخرجهم، حيث اختاروا ارتداء ملابس النازية، فالحفل عبارة عن الظهور بالأزياء التنكرية لا أكثر وليس المقصود به التطرق إلى الجوانب

السياسية.   

تلفت ماب إلى أن التصوير ليس هو الأساس بالموضوع لديها واختيار الناس والاماكن هو الأهم، لذلك لا تطمح لتحقيق ربح مادي منه، ومن جهة أخرى تراه مهنة نسائية تحديدا أكثر من كونها رجالية ولسبب بسيط، أن المرأة دائما تركز على كل شيء حيث تجذبها الامور والقضايا الصغيرة والكبيرة، وتثير اهتمامها ولا تفوتها اي تفصيلة، عكس الرجال فهم معروفون بعدم تركيزهم أوتدقيقهم للأشياء من

حولهم.