بغداد: علي موفق 

دعا مختصون خلال المؤتمر الأول للنفط والغاز في الوطن العربي الذي نظمته نقابة المهندسين بالتعاون مع اتحاد المهندسين العرب، إلى شروع الدول المنتجة والمصدرّة للخام بخطوات وخطط ستراتيجيَّة للانتقال السلس إلى مرحلة تنوع الاقتصاد والطاقة بدلاً من الاعتماد على النفط كمصدر رئيس لاسيما في ظلّ الاتفاقات الأخيرة للاستغناء عن الوقود الأحفوري في إطار مكافحة التغير المناخي 

وقال مستشار رئيس الوزراء لشؤون اقتصاديات النفط الدكتور فلاح العامري خلال المؤتمر الذي عقد تحت شعار (الثروة الهيدروكربونية ضماناً للانتقال السلس نحو الطاقة المتجددة واقتصاد مستدام) وحضرته "الصباح": إنَّ الضغط بدأ منذ الآن على الدول المنتجة للنفط ولو بشكل غير ملموس لاسيما بعد انعقاد مؤتمر المناخ (كوب 28)، إذ اتفق المشاركون على الاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري أي النفط خلال المرحلة المقبلة.

وتابع أنَّ تأثير ذلك في العراق ودول أوبك في الوقت الحاضر قد يكون غير ملموس، ولكن على المدى المتوسط سيزداد التأثير وفي المدى البعيد يصبح التأثير واسعاً ومباشراً.

وأوضح العامري أنَّ هذا الأمر يتطلب وضع خطط ستراتيجية بشأن كيفية التعامل والانتقال السلس إلى مرحلة تنوع الاقتصاد والطاقة.

وبين أنَّ العراق خطا مراحل متقدمة لاستثمار الغاز، ففي عام 2010 وصل مستوى الحرق إلى 90 بالمئة وفي عام 2017 وصلت النتيجة إلى 58 بالمئة من الحرق و42 من الاستخدام، وفي ظل الحكومة الحالية ووزارة النفط وصل الإنتاج إلى 80 بالمئة من خلال إدخال طاقات جديدة، ومن المؤمل إبرام عقد خلال عام لتصفية 150 ألف برميل في غضون عام تمهيداً لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية.

من جهته، قال وكيل وزير النفط لشؤون الاستخراج باسم محمد خضير خلال المؤتمر: إنَّ الملف النفطي يشهد حركة سريعة ودؤوبة في مجالي النفط والغاز في ظل رؤية حكومية تهدف لزيادة الطاقات الإنتاجية والاحتياطيات وإنهاء ملف الغاز المحروق وإيقاف استيراد هذه المادة ومن ثم الانتقال إلى تصديره بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي وذلك وفق خطط وستراتيجيات.

ودعا خضير خلال المؤتمر الشركات العالمية للتقديم على ملحق الجولتين الخامسة والسادسة للتراخيص، وستعمل الوزارة على منح الدعم لهذه الشركات وتوفير بيئة اقتصادية جاذبة ومستقرة للمشاركة والمنافسة.

بدوره، قال نقيب المهندسين العراقيين ذو الفقار حوشي المكصوصي: إنَّ المؤتمر يُعقد في ظل جملة من التحديات التي تواجه الصناعة النفطية على مستوى العالم من ضمنها تذبذب أسعار الخام نتيجة الظروف الاقتصادية والتحولات السياسية وزيادة أو نقصان الطلب على الطاقة، كما أنَّ الظروف الجيوسياسية التي تنتج عنها توترات وتؤدي في بعض الأحيان إلى حروب ونزاعات عسكرية لها تأثير مضر في اقتصاديات الدول المصدرة لاسيما عندما تتعرض عملية نقل النفط وتصديره إلى تهديدات أمنية مما يؤدي إلى زيادة تكاليف التأمين وعدم وصول الإمدادات إلى الأسواق في الوقت المطلوب.

وأضاف أنَّ الوطن العربي يقع في بؤرة الصراع العالمي والتوترات العسكرية مما يجعل ثروته النفطية في حالة عدم استقرار، وتبرز أيضاً بقوة مسألة التغير المناخي كأحد المعوقات الرئيسة للصناعة النفطية في عالم يشكل النفط والغاز 65 بالمئة من الطاقة الضرورية لإدامة الحياة، وقد انعكست التأثيرات السلبية لهذه الصناعة في الاتفاق النهائي الذي توصلت إليه مجموعة الشركاء خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) المنعقد مؤخراً في دولة الإمارات، حيث تم الاتفاق على التحول من استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة بطريقة عادلة ومنظمة وتسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تقليل الانبعاث الكاربوني في عام 2050 .

وبين المكصوصي أنَّ من النتائج المتوقعة لهذا الاتفاق انخفاض الطلب على النفط وتدني أسعاره مما ينعكس سلبياً على اقتصاديات الدول المصدرة ومنها الدول العربية التي تعتمد اقتصادياتها بشكل كبير على إنتاج وبيع النفط والغاز، كما أنَّ الزيادة في استثمارات الطاقة البديلة ستؤدي حتماً إلى انخفاض الطلب على النفط والغاز وقلة الاستثمارات في الاستكشافات والإنتاج، لذلك ينبغي على الدول المنتجة مواجهة هذا التحدي من خلال استثمار أسعار النفط الحالية في بناء اقتصاد مرن ومستدام لا يعتمد على النفط والغاز بشكل مباشر وكذلك تطوير مشاريع الطاقة المتجددة والتحول التدريجي من النفط إلى الغاز كمرحلة انتقالية .

أما المهندس علي فرج، رئيس قسم النفط في نقابة المهندسين، فأوضح لـ"الصباح" أنَّ المؤتمر سيناقش بحوثاً ودراسات بشأن واقع ومستقبل النفط العربي والاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة، وتأثير الوقود الصخري على الاقتصاد ودور الطاقة المتجددة في الأعوام المقبلة، وترشيد الطاقة الأحفورية باستخدام الطاقات المتجددة، فضلاً عن تصنيع النفط الخام في العالم بهدف تعظيم قيمته، وذلك بمشاركة خبراء عرب في مجال النفط والغاز والمختصين بمجال الكيمياء والخام وعدد من مسؤولي وزارة النفط.