ياسر المتولي
هل سيشهد العالم انهياراً اقتصادياً وشيكاً؟
تُنذر الأحداث والتوترات العالميَّة في غالبيَّة الدول بحدوث انهيار اقتصادي محتمل.. هذا التوقع متفق عليه من أغلب خبراء الاقتصاد حول العالم .
ولعلَّ سيناريو الحرب الكونية التي نُزع فتيلها نهاية العام الماضي نتيجة التخفيض العقلاني الذي انتهجته الصين في تعاطيها مع مشكلة تايوان واستطاعت في اللحظات الأخيرة تجاوزها في وقت كانت المؤشرات والدلائل وتوقعات الخبراء تؤكدها والتي كانت الحرب الأوكرانية الروسية واحدةً من أبرز مسبباتها .
والآن فإنَّ إسرائيل تعيد إنتاجها وعلى ما يبدو أنها تقود العالم إلى ما لا يحمد عقباه فتحرق اليابس والأخضر .
فحرب الإبادة التي تقودها إسرائيل وتواصل إصرارها وعدوانها الغاشم والآثم على غزة والأراضي الفلسطينية السليبة أصلاً قد ألقت بظلالها على منطقة الشرق الأوسط، إذ فتحت جميع الجبهات على مصراعيها نتيجة سلوكها العدواني الغاشم وأدت إلى اشتعال المنطقة بأكملها لتضاف إلى التوترات والأحداث على الجانب الآخر من دول العالم .
وسأركز مقالي هذا على الآثار الاقتصادية المحتملة التي قد تتسبب بالانهيار المتوقع إذا ما استمرت الأحداث بهذه الوتيرة.
إنَّ الأحداث القائمة على مسارات التجارة العالمية وممراتها المهمة وخصوصاً في البحر الأحمر وباب المندب وقناة السويس ستؤثر بشكل بليغ في تقييد سلاسل الإمدادات وهذه الصورة تعيدنا إلى أحداث وآثار كورونا في خلخلة التجارة العالمية غير أنَّ آثار هذه الأحداث ستكون أضعاف ما نتج عنها في حينها .
هذه الأحداث تنذر بركود اقتصادي محتمل سيتسبب بآثار اقتصادية موجعة سواء للبلدان الموردة أو المستوردة على حد سواء.
صحيح أنَّ الآثار ستتوزع بشكل مختلف بين دولة وأخرى حسب قدراتها على التحمل لكن أغلب المتأثرين بهذه الظاهرة هي البلدان الفقيرة والنامية وأكبر المتضررين هم شعوبها دون أدنى شك.
ولعلَّ عزوف العديد من شركات النقل والشحن البحري وإيقاف نشاطها إلى إشعار غير مسمّى سيتسبب حتماً في نقص الغذاء والدواء وكذلك أغلب السلع والخدمات ذات الصلة بديمومة الحياة ولعلّ من الآثار المترتبة على الانكماش المحتمل هو فقدان الآلاف لفرص عملهم بين دول التوريد وكذلك الاستيراد، وهنا ستشكل هذه الظاهرة أكبر مؤشر لاحتمال حدوث الانهيار الاقتصادي المتوقع .
ما الآثار التي ستنعكس على الاقتصاد العراقي؟
في الوقت الذي يسعى فيه العراق إلى تحقيق النهوض الاقتصادي والخروج من التبعية الاقتصادية فإنَّ نتائج هذه الأحداث المتسارعة ستلقي بظلالها على الاقتصاد العراقي .
ذلك لأنَّ انقطاع سلاسل الإمداد وتوقف شركات النقل يعني انحسار تصدير النفط وتراجع إنتاجه ولما كانت موازنات العراق أحادية مصدر التمويل فلك أن تتصور حجم المشكلة التي سيواجهها العراق وهنا لا أتحدث عن أسعار النفط إنما تراجع صادراته النفطية وما سيسببه من ارتفاعات الأسعار عالمياً خصوصاً الغذاء والدواء .
أضف إلى ما تقدم فإنَّ العراق يعتمد على استيراد ما يقارب 80 بالمئة من احتياجاته للسلع الزراعية وذلك
لغياب القطاعات الإنتاجية في هذا الجانب .
من ذلك نستنتج أنَّ الآثار التي سيخلفها الانهيار الاقتصادي العالمي وخيمة لذلك نكرر دعواتنا إلى أهمية اعتماد منهج الحمائية لتوفير احتياجات البلد من خلال تنشيط القطاعات الإنتاجية والتركيز على القطاع الزراعي للتخفيف من وطأة آثار الأزمة .