وليد خالد الزيدي
لايمكن إغفال إشراقات التجربة الزراعية في المملكة المتحدة أو تجاهل تأثيراتها الإيجابية على اقتصادها المحلي وانعكاساته الدولية في أوروبا وغيرها من المناطق الأخرى فهي رغم كونها بلد صناعي إلى حد كبير لكنها تعد منتجاً مهماً للمواد الزراعية النباتية والحيوانية الهائلة فلم تعد صناعة السيارات والقاطرات والطائرات والمنتجات الصناعية المهمة الأخرى فحسب محط اهتمام قادتها فقد لعب قطاع الخدمات الزراعية دوراً متصاعداً في الأهمية باقتصادها المحلي وصنفت مراكز الإنتاج الزراعي في بريطانيا من أكبر المراكز المتخصصة في العالم لاسيما الدولة الأم إنجلترا إلى جانب إسكتلندا وويلز وأيرلندا الشمالية فعدت الزراعة فيها ذات آلية عالية في الاقتصاد الشامل والمتنوع.
ووفقاً للمعايير الإنمائية الدولية فهي تنتج نحو(60 بالمئة) من الاحتياج الغذائي ويكرس نحو ثلثي الإنتاج للماشية وثلث واحد للمحاصيل الزراعية ومن خلال سياسة زراعية ثابتة ودائمة ومتجددة لاسيما في مجال محاصيل القمح والشعير والشوفان والبطاطس والشمندر السكري كما عدت واحدة من المراكز الرائدة في مزاولة صيد الأسماك التي تجلبها لها أساطيلها العملاقة كافة ولعدة أنواع من سمك موسى والرنجة وعرفت مدن كينغستون وغريمسبي وفليتوود من المدن الساحلية التي تتميز بصيد كبيرة ومما زاد من أهمية القطاع الزراعي تراجع الصناعات التحويلية والصناعات الأولية فشكل القطاع الزراعي نمواً من حيث الأهمية مدعوماً بالنمو الاقتصادي الذي يُوفَر بشكل أساسي من خلال خدمات متطورة وقطاع مالي وإداري دقيقين.
وهناك قضية أخرى لابد من الإشارة إليها هو ما أعلنته الحكومة البريطانية عن سياستها الزراعية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وهي الإجراءات الهامة لتحسين خططها الزراعية الهادفة إلى تعزيز الأمن الغذائي للبلاد ومراعاة تحسين البيئة فتلك الإجراءات وإن كانت جديدة لكنها على ما يبدو طال انتظارها منذ وقت ليس بالقصير في هذا البلد وهذه المرة جاءت لتحل مكان السياسة الزراعية الأوروبية المشتركة والتي عدها المسؤولون الإنجليز(سياسة بيروقراطية) وكذلك نظرة وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية لهذا الاتحاد فشملت تلك الإجراءات زيادات التمويل وتبسيط عمليات التطبيق وتعزيز الحوافز البيئية ودعم نشر التكنولوجيا الحديثة وتمكين وسائلها لخدمة المزارعين البريطانيين وتعزيز وسائل إيفاء الحكومة بوعودها تجاههم ومواصلة الإنتاج والصعود بنسب الأمن الغذائي المستهلك محلياً فضلاً عن تشجيع المزارعين على إنشاء موائل للحيوانات والتحقق من مكافأتهم لقاء الحفاظ عليها.
التجربة البريطانية لم تكن بعيدة عما يجري في العراق من خلال خطط حكومية للاستفادة من التجارب الدولية في القطاع الزراعي وتدعيم نهوضه لاسيما في مجال الإرواء الزراعي وبرامج الموارد المائية ومن خلال وزيرها عون ذياب عبد الله الذي أكد استعداد وزارته لإدخال مشاريع حيوية لمواجهة أزمة شحِّ المياه ومن خلال استقباله القنصل البريطاني روزي كيف لبحث التعاون المشترك في مجال تطوير قطاع الموارد المائية في العراق لتحقيق الاستخدام الأمثل للمياه كونها القطاع المسؤول عن إدارة الموارد المائية والسعي لتغيير النظام الإروائي التقليدي إلى آخر حديث بالاعتماد على الأنابيب لنقل المياه ومشاريع إعادة تنقية وتحلية مياه الصرف الزراعي وإحالتها للجامعات العراقية لإعداد متطلبات إدراج المشاريع والكلف الخاصة بالدراسات وفي ظل تأكيد الجانب البريطاني استعداده لرفد العراق بالخبرات وزجِّ الشركات البريطانية لتنفيذ مشاريع الوزارة ذات الصلة ببيئة النهر ومنع تلوثها والاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال تطوير قطاع الموارد المائية.