السفهاء والنساء !!

اسرة ومجتمع 2019/05/24
...

عالية طالب
يفسر معجم المعاني الجامع كلمة «السفه» بالجهل والفظاظة والطيش وعدم التوازن في التعامل بما يؤشر نقصاً في العقل يعطي معنى الحمق.. هذا هو السفيه فكيف تعامل المجتمع مع هذا النموذج المرتبك؟ وهل النساء هن أكثر من يتعرض للإساءة من هذا النوع المتدني؟ وكيف يفترض بها التعامل معه، هل بالاستعانة بالرجل في عائلتها ليصد عنها سفه السفيه، أم تكتفي بقدرتها على المواجهة وانتهاج الأسلوب الأمثل في التصرف المطلوب.
تفضل كثيرٌ من النساء استخدام أسلوب التجاهل أو التغاضي عن استخدام حق الرد على النماذج السيئة، وهو ما تفعله أيضاً حين تتعرض للتحرش من الآخر سواء في الشارع أو في العمل وفي أي مكان تتواجد فيه، وقناعتها بانتهاج هذا الأسلوب تأتي من حرصها على عدم إشاعة الضجيج حولها أو انتشار الأقاويل التي غالباً لا ترحم المرأة كثيراً وقد تجعلها هي المتسبب في ما تتعرض له، وهذا يعود الى النظرة القيميَّة المتخلفة التي تعامل المرأة على أنها كائن «متهم» في أغلب الأحيان حتى وإنْ كانت هي الضحية!!.
وفي المقابل هناك المرأة التي تواجه الإساءة من الآخر ولا تهادن من يحاول النيل منها ولها في ما تفعل طرقٌ تختلفُ بين امرأة وأخرى تعتمدُ على حجم شجاعتها في المواجهة وقوة شخصيتها وقدرتها على التصدي لمن يسيء لها، وقد تتسلم أوصافاً غريبة استناداً على هذا الموقف فيطلق عليها صفة النزقة أو صاحبة القدرة على استخدام الكلام السيئ والمرأة التي لا تخجل من رفع صوتها في مواقف تتطلب منها السكوت!!
هذه المفارقة العجيبة في تعامل المجتمع مع المرأة تقودنا الى البحث عن المتوارث في التعاملات مع الآخر ما بين المرأة والرجل، فيقال نفضل الرجل الشجاع والمرأة «الجبانة».. وهنا لا بدَّ لنا من التوقف وتأمل موروثات تسعى لجعل الجبن سلوكاً للمرأة ولا تحفز تمتين شجاعتها لتكون في مواجهة مواقف تنال منها وتتطلب قدرتها الحقيقيَّة على المواجهة.
اختلاف المجتمعات العربيَّة عن الغربيَّة هو من جعل المرأة في علبة زجاجيَّة وكأنها نوعٌ من الحلي يحبذ اقتناءها ليتزين بها بيت الرجل وحياته وعليها أن تعرف حدود مساحة العلبة فلا تعمل على كسر جدرانها ولا الخروج من الأدوار المرسومة لها، فيما يعمل المجتمع الغربي على تمكين المرأة من القيام بكل الأدوار التي يقوم بها الرجل وتدريبها على فهم كيفيَّة الدفاع عن نفسها وتمتين قدرتها في مواجهة من يعمل على غمط حقوقها أو استلاب حريتها الإنسانية وفاعلية وجودها في الحياة العامة.
المرأة القادرة على إدارة حياتها من دون الاتكال على الرجل أو الآخر باختلاف مستويات وجوده في حياتها، هي المرأة الشجاعة التي ستتمكن من تربية جيلٍ قادرٍ على التعامل مع السفيه والسفة من دون أنْ يكون الصمت والخذلان منهجاً متبعاً في مسار حياته، وهذا الجيل المتربي على يد امرأة شجاعة هو القادر على إحداث التغيير الحقيقي بوجه القبح والسفه أينما تواجد.