ياسر المتولي
إنَّ تقييم أداء القطاع الخاص العراقي على وجه التحديد غير واقعي أو لنقل غير دقيق ولمعرفة وزنه الحقيقي لابد من التطرق إلى مفهومه وإخضاعه لمقارنة وجهات النظر المختلفة بخصوصه.
في ظل المنهج الاقتصادي الحر فإنَّ القطاع الخاص يعد المرتكز الأساسي في إدارة الملف الاقتصادي في جوانب عدة منها البناء والإعمار وتنفيذ المشاريع الستراتيجية وصولاً إلى تحقيق التنمية.
وطبعاً يتبع ذلك إدارته أي القطاع الخاص لأغلب مفاصل القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية بينما تتلخص مهمة الدولة بالإشراف والمتابعة وتقديم الخطط التي تتضمن متطلبات واحتياجات البلد من المشاريع الستراتيجية وبناها التحتية هذا من المنظور العالمي له (المنهج الحر(.
بينما يكون دور القطاع الخاص في النظام الشمولي هامشياً إن لم نقل غائباً تماماً نظراً لهيمنة القطاع العام على جميع مفاصل الاقتصاد.
وهنا يبرز تساؤل وفق أي منهج نقيّم القطاع الخاص العراقي؟ هل هو غائب أو مغيب؟.
المفروض أنَّ المنهج الاقتصادي في العراق هو (اقتصاد السوق) (الحر)، وهذا ما تضمنه الدستور بعد مرحلة التغيير في 2003، إذ اعتبرت الفترة بعد هذا التغيير انتقالية من الشمولي إلى الحر.
وهنا يبرز سؤال مهم هل (20)عاماً غير كافية للانتقال؟
من هنا فإنَّ القطاع الخاص وكبديهية مغيب عن أداء دوره وذلك لاستمرار ثقافة الاقتصاد الشمولي المكرسة في ذهنية الدولة عموماً بدليل أنَّ القطاع الخاص ليس له دور واضح في إدارة الملف الاقتصادي وهذا الخلل أسهم في إضعاف دوره وتشويه صورته الحقيقية ونتج عن ذلك انتقاله من قطاع منتج إلى مستورد.
لذلك بنيت الفكرة الخاطئة السائدة والمأخوذة عن القطاع الخاص بأنه ضعيف ولا يرقى إلى مستوى الدور الذي يتعين لعبه هكذا تشوه صورته ولذلك أسباب عدة منها موضوعية تتعلق بضعف أو انعدام القوانين المحفزة للقطاع الخاص ما عمق فقدان الثقة بهذا الدور أضف إلى ذلك دخول عناصر طارئة لا تمتلك القدرات الفنية والإدارية والملاءة المالية لذلك يبدو أنَّ حجمه ضعيف وغير كاف لتغطية احتياجات البلد لمشاريع البناء والإعمار.
وهناك سبب ذاتي يتعلق بالقطاع الخاص والمتمثل بعدم قدرته على تسويق نفسه كما يجب. هناك العديد من الإنجازات التي حققها القطاع الخاص لكنها غير ظاهرة للعلن بسبب ضعف التسويق الإعلامي لتلك المشاريع ومنها ستراتيجية عملاقة وتنموية.
إنَّ واحدة من أهم مهام القطاع الخاص الناجح في العالم هي صناعة الإبداع من خلال احتضان المواهب الشبابية ودعمها كبراءات الاختراع بهدف تنمية وتطوير هذه المواهب وهذا مفقود أيضاً.
يجري كل ذلك مع أنَّ هناك إدراكاً وإقراراً بأن لا تنمية حقيقية في العراق دون دور فاعل للقطاع الخاص كما أثبتت التجارب العالمية.
ما المطلوب لكي يفعل دوره؟
يحتاج إلى تشريعات وقوانين قوية نافذة وداعمة ولا تتقاطع مع التشريعات المعيقة، ومن جانب آخر نحتاج إلى فرز وتقييم حقيقي لمن يستحق أن يحمل صفة قطاع خاص وله إسهامات بارزة لتكليفه بتنفيذ مشاريع ستراتيجية أي بلا عشوائية في الإحالات للمشاريع المهمة.
ورغم ذلك نحتاج إلى شريك ستراتيجي من الاستثمارات الأجنبية، وهذا ما سنتناوله في مقالات لاحقة.
فهل سنشهد التفاتة حقيقية وإرادة لإبراز هذا الدور، نراقب ونرى.