إدارة ترامب ترفض تقديم مساعدة خاصة للفنزويليين

بانوراما 2019/05/24
...

أماندا هولبش
ترجمة: شيماء ميران
على الرغم من دعوات المطالبة بالحرية لفنزويلا، عارضت اميركا تقديم الحماية المؤقتة للفنزويليين الذين يخشون الإضطهاد، وبدخول فنزويلا الى أزمة أخرى، طلب البيت الابيض من ترامب تقليل تكرار تصريحاته لدعم الشعب الفنزويلي، لأنها ستبقى مغايرة تماما للمساعدة الضئيلة التي تقدمها الحكومة الاميركية لمنح الفنزويليون حق اللجوء في اميركا.
وبحسب تقدير الامم المتحدة فانه مع نهاية عام 2019 سيكون نحو خمسة ملايين شخص تقريبا قد فروا من فنزويلا، وكانت إدارة ترامب قد عارضت المطالبات ومن بينها تلك التي وجهها الجمهوريون لوضع برنامج هجرة يسمح لجزء بسيط منهم طلب الحماية في الولايات المتحدة الاميركية. وبدلا من ذلك، فإنها ركزت جهودها على تأييد زعيم المعارضة خوان غوايدو ليحل محل نيكولاس مادورو، وإعادة المطالبة بحرية الفنزويليين الذين يواجهون نقص الغذاء والدواء في بلدهم المنهار.
وعارضت الإدارة استخدام سياسة “اوضاع الهجرة المؤقتة” التي تسمح لأشخاص من جنسية معينة بالبقاء في الولايات المتحدة الاميركية بسبب ظروف اوطانهم الاستثنائية، كما إنها تجاهلت قدرتها على إعطائهم أولويات خاصة في نظام لجوئها الخجول، وقد حذر طالبو اللجوء والممثلون عنهم بأن الفنزويليين سيعلقون في دوامة تأخر اوقات المعاملة او الرفض الصريح للحالات الشرعية.
 
الخوف من الاضطهاد
تقول نائب رئيس لجنة الانقاذ الدولية للسياسة والرأي نازنين آش “لديكم إدارة تقف مع مطالبة الفنزويليين بالحرية، وتمنعهم من المطالبة بها في الولايات المتحدة الاميركية، وما أثبتته الإدارة مرارا وتكرارا على مدى السنوات الاخيرة ان الازمات وحالات الضعف هي ليست العوامل الوحيدة التي تحركهم”.
وسيكون الخيار الابسط للحكومة الاميركية هو نظام “اوضاع الهجرة المؤقتة” الذي يمكن ان يُحدد من قبل جهاز الامن الداخلي فقط، وبحسب لجنة الانقاذ الدولية “IRC” فان هذا الخيار سيحمي 72 الف فنزويليا موجودين فعليا في اميركا، وقد يستخدم الرئيس برنامجا مشابها وهو الترحيل القسري المؤجل، وذلك لمنع ترحليهم بموعد زمني محدد. 
وإذا وصل الفنزويليون الى مستوى الخوف من الاضطهاد بسبب العرق او الدين او القومية او الرأي السياسي او الانتماء الاجتماعي، فأنهم قد يطالبون باللجوء حتى بدون وضع هجرة مؤقت او ترحيل قسري مؤجل، فالفقر او حاجة طفل مريض الى الدواء لا يكفي.
وبحسب الاحصائيات الحكومية فان اكثر من 25 الف فنزويلي طلبوا اللجوء في اميركا منذ شباط عام 2018 وحتى كانون الاول من العام الحالي، وكان عددهم اكثر من اي بلد آخر، وهذا لا يشمل الذين طلبوا اللجوء في جلسات الترحيل، وعلى 
عكس المجاميع القادمة من اميركا الوسطى التي تطلب اللجوء على الحدود، فان الاغلبية الساحقة من طلبات اللجوء الفنزويلية تضم الموجودين فعليا في اميركا والمحتمل انهم دخلوها بتأشيرات 
قانونية.
 
الملاذ الاخير
فرانسيسكو ساندوفال الذي كان يعمل استاذا جامعيا ومحاميا لمعارضي هوغو شافيز الرئيس الفنزويلي الذي سبق مادورو يوضح بأنه كان قد هاجم سياسة تشافيز  اثناء المسيرات السياسية التي وقعت مطلع سنوات القرن الحالي، وعبّر عن ندمه على ذلك. وكان ساندوفال (51 عاما) قد فرَّ من فنزويلا العام الماضي بسبب خوفه من الاضطهاد السياسي والقلق بشأن صحته بعد بقائه من دون علاج لحالته المرضية المزمنة المهددة لحياته لمدة ثلاثة شهور. وقد تطوع للعمل في برنامج الخدمات القانونية لمدينة نيويورك، فكان يترجم الوثائق القانونية ويساعد الفنزويليين، إلا ان طلبه للجوء بقي مهملا بعد المقابلة التي اجريت معه في كانون الاول، فضلا عن انتهاء نفاذية تأشيرة السياحة التي يستخدمها في السفر الى اميركا.
ورغم وصف إدارة ترامب للجوء على انه برنامج يسيء المعاملة ومملوء بالثغرات، إلا ان ساندوفال  يُصر على انه الملاذ الاخير له: “لم اكن ارغب بالمجيء الى هنا، فكانت لي حياة جميلة هناك، وكنت شخصا مهما، فهل سأبدأ كل شيء من جديد وأنا بهذا العمر؟”. 
ويتمنى ساندوفال ان تتم الاطاحة بنظام مادورو قريبا لكي يتمكن من العودة الى وطنه، وفي هذه الاثناء يبقى على اتصال دائم مع زوجته وابنته ووالدته (89 عاما) عبر تطبيق الواتس آب، ولا يستطيع الحديث عنهم ما لم تغمر الدموع عينيه، وكان طبيبه في اميركا قد اخبره انه بحاجة الى العلاج من الكآبة، لكنه لا يرى اي حل اخر لحزنه سوى ان يعود مرة ثانية ليكون مع عائلته والعودة الى فنزويلا جديدة آمنة “وجود زوجتي وابنتي هنا قد يكون افضل علاج من اي دواء”.
 
تغريدات ترامب
اما المحامية في برنامج الهجرة لمدينة نيويورك ريبيكا برس التي مثلت ما يقرب من 18 فنزويليا خلال الثمانية عشر شهرا السابقة تقول: “ان العديد من الفنزويليين ربما لا يحتاجون الى وضع هجرة مؤقت لان ادعاءات لجوئهم قوية جدا، ولديَّ العديد من الامثلة الفظيعة لأشخاص تعرضوا لإطلاقات نارية واعتداءات جسدية على مدى سنوات، وتعرض منازلهم اثناء المواجهات السياسية المعارضة لإطلاق النار مما ألحق اضرارا بها”، مضيفة “بعد ان يتم رفض اغلبية الحالات من قبل موظف اللجوء، تحال القضايا الى محكمة الهجرة وتستغرق سنوات ليتم سماع احداها بسبب تراكم القضايا الهائل، فمن وجهة نظري، انه لمن الصادم وجود هكذا روتين  لكثرة الطلبات التي تمت إحالتها للمحكمة، انه امر يثير الاشمئزاز”.
ويعكس هذا الامر الفجوة بين ما تقوم به الحكومة الاميركية وما تصرح عنه، فمنذ ان اصبح ترامب رئيسا، كتب تغريدات عن فنزويلا 21 مرة اكثر مما كتبه عن بقية اميركا الجنوبية مجتمعة، فعلى سبيل المثال كتب تغريدة خلال شباط قال فيها “الشعب الفنزويلي يؤيد الحرية والديمقراطية والولايات المتحدة الاميركية تقف بجانبهم”.
وتوضح وزارة الخارجية الاميركية عبر رسالة الكترونية أن اميركا هي المانح الاكبر للتجاوب مع الازمة الانسانية في فنزويلا، وأنفقت اكثر من 256 مليون دولار منذ اواخر عام 2016، “نحن نركز على الانقلاب وإعادة فنزويلا ثانية الى طريق الاستقرار وذلك لمصلحة جميع الفنزويليين”. ولم يستجب البيت الابيض لطلب التعليق على هذا الامر.
فمن غير برامج هجرة تستهدف الفنزويليين، سيكون ساندوفال وآخرون مثله تحت خطر الترحيل عندما تنتهي نفاذية تاشيراتهم.
وبحسب رسائل الكترونية أطلعت عليها صحيفة وول ستريت فقد حذر المبعوث الخاص إليوت أبرامز الذي يقود الجهود الدبلوماسية الاميركية تجاه فنزويلا من القيام بعمليات ترحيل كهذه، التي من شأنها ان تنعكس بصورة سيئة على الحكومة الاميركية. 
يقول إليوت “ينبغي علينا بالتأكيد تجنب اية عمليات ترحيل غير جنائية اثناء فرزها، فإعادة بعض العوائل الى فنزويلا الآن قد يجعل منا جميعا أضحوكة”.