الاقتصاد الريعي وحاجة السوق

اقتصادية 2024/02/15
...

محمد فاضل الخفاجي

يشير الاقتصاد الريعي إلى نوع من الاقتصاد المعتمد على تصدير الموارد الطبيعيَّة مثل «النفط أو الغاز الطبيعي» والاعتماد على الإيرادات المتولدة من تلك الموارد في تمويل حاجات الدولة، ومع ذلك تجد الاعتماد الكبير على الاقتصاد الريعي ليس كافياً لسدِّ حاجة الدولة.
نؤشر أنَّ الاقتصاد الريعي غير متوازن وغير مستدام، إذ يعتمد بشكل كبير على ارتفاع وانخفاض أسعار الموارد الطبيعية، مما يسبب عدم استقرار اقتصادي كبير، عندما تكون أسعار الموارد الطبيعية مرتفعة، ترتفع النفقات الحكومية، وحين تنخفض الأسعار، تتراجع إيرادات الحكومة، هذا التذبذب في الإيرادات يشكل تحدياً كبيراً للاستدامة المالية للدولة ويجب وضع الحلول المستعجلة لهذا الوضع الاقتصادي.
بقاء الصفة الريعية للاقتصاد يقود إلى تعزيز الاعتماد على الاستيراد، تتبع الغالبية العظمى من الدول ذات الاقتصاد الريعي نهجاً يعتمد على استيراد معظم السلع والمنتجات الأساسية التي يحتاجها المواطنون، هذا يعني أنَّ الدولة تنفق جزءاً كبيراً من إيراداتها على استيراد منتجات أساسية، مما يقلل من الموارد المتاحة للاستثمار في قطاعات أخرى مثل التعليم والبنية التحتية والصحة.
الخطوة المطلوبة لتعزيز واقع الاقتصاد تتطلب بناء المصانع وجلب الاستثمار وهما الحل الوحيد لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، إذ يقود بناء المصانع إلى فتح أبواب جديدة للتوظيف وتوفير فرص عمل للشباب وخفض معدلات البطالة، كون بناء المصانع يؤدي أيضاً إلى زيادة الإنتاج وتنويع المنتجات المحلية، مما يعزز قدرة البلاد على تصدير السلع وزيادة الإيرادات الوطنية.
يعد جلب الاستثمار الأجنبي المباشر ضرورة لتعزيز النمو الاقتصادي، إذ يترتب على استقطاب الاستثمار الأجنبي تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات العامة في البلاد، مما يجذب المزيد من الاستثمارات الجديدة ويعزز الاستقرار الاقتصادي فضلاً عن كونه يسهم «الاستثمار الأجنبي» في نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى البلاد المضيفة، مما يسهم في تطوير القدرات المحلية ورفع مستوى المهارات لدى العاملين. وبهذه الطريقة يمكن لبناء المصانع وجلب الاستثمار أن يسهم في تعزيز التنمية الشاملة وتحقيق الرفاهية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الدول.
ونعلم أنَّ الاقتصاد الريعي يؤدي إلى عدم التنويع الاقتصادي، عندما تكون الاقتصادات تعتمد بشكل كبير على نوع واحد من الموارد، فإنها تصبح عرضة للصدمات الاقتصادية، الأمر الذي يحتم علينا التفكير جلياً بتنوع الإيرادات المالية في ظلّ توفر
مقومات التنمية الاقتصادية.