محمد شريف أبو ميسم
يعدّ مقياس (عدد الحسابات المصرفيَّة) من بين أهمِّ المقاييس المستخدمة لمعرفة معدل استخدام الخدمات الماليَّة في القطاع المصرفي، إذ يُعطي انطباعاً عن تطوّر أدوات الشمول المالي، ويؤسِّس لمعرفة نسبة الحسابات المصرفيَّة إلى عدد السكان البالغين فضلاً عن مصداقيَّة ما يقال بشأن استخدامات أجهزة الصرّاف الآلي مع انتشار أدوات الدفع الإلكتروني.
إلا أنَّ هذا المقياس لا يعد مقياساً دقيقاً في حالات تعتمد فيها فروع بعض المصارف الحكومية على إجراءات تُلزم الزبائن بفتح حسابات شكلية من خلال وضع مبلغ من المال قد لا يقل عن 200 ألف دينار، بوصفه شرطاً من شروط إتمام المعاملة الائتمانية مثلاً، أو في حال شراء وحدة سكنية كما في بعض المصارف الحكومية التي دخلت بوصفها مستثمراً يشتري الوحدات السكنية من الجهات ذات العلاقة وتبيعها على الجمهور، فيسجل هذا الإجراء في الجداول الإحصائية ليكون رقم حساب يضاف إلى جدول عدد الحسابات المفتوحة الذي يحسب لصالح المصرف والفرع صاحب العلاقة، حيث يعطي انطباعاً إيجابياً عن المصرف بوصفه مؤسسة مالية تسهم في نجاح برنامج الشمول المالي من خلال ازدياد أعداد الحسابات المفتوحة، فيما يخرج الزبون بعد إتمام معاملته وقد يكون معتقداً أنَّ مبلغ المئتي ألف دينار ضمن رسوم إتمام المعاملة، لأنه لا يمنح دفتر صكوك ولا بطاقة للدفع الإلكتروني، فيتجاهل المبلغ الذي سيؤول مستقبلاً لصالح الفرع بعد فترة من الزمن لا يحرك فيه الحساب.
ولنا هنا جملة من الملاحظات، تتقدمها القسرية التي تلزم الزبون بفتح حساب دون رغبته بحجة شرط إتمام المعاملة الائتمانية، ثم إلزامه بوضع مبلغ في هذا الحساب على خلاف تعليمات البنك المركزي العراقي التي تمنع المصارف من إجبار الزبائن على وضع أموال عند فتح الحسابات المصرفية، وهذه القسرية تعطي صورة غير دقيقة للقائمين على برنامج الشمول المالي بشأن عدم دقة مفهوم الوصول إلى التمويل الذي يخوض في إحصائيات نسبة الحسابات المصرفية إلى عدد السكان البالغين، بهدف الوصول إلى معدل استخدام الخدمات المالية، ومن المؤكد أنها تنسحب على دقة المقاييس الأخرى، مثل أعداد المستخدمين لأجهزة الصراف الآلي، إذ تندرج أعداد المجبرين على فتح حسابات دون علمهم أو بعلمهم ودون رغبتهم، إذ ليس كل من قام بفتح حساب مصرفي له القدرة على استخدام الصرافات الآلية، ومن المهم حالياً نشر الوعي المصرفي بين الناس والتأكيد على أهمية التحول الرقمي بين فئات الطبقات محدودة الدخل ومنخفضة الدخل كما هو شأن الطبقة الوسطى، والتأكيد أيضاً على نشر أدوات الدفع الإلكتروني في المراكز التجارية لتكون عنصراً مهماً في قياس مدى توفر الخدمات المالية.