أميركا والصين توسعان عملياتهما التجسسيًّة

بانوراما 2024/02/20
...

 جوليان بارنيز وإدوارد وونغ 

 ترجمة: أنيس الصفار                                            

عندما طاف منطاد التجسس الصيني قاطعاً أجواء البر القاري للولايات المتحدة في شباط من العام الماضي انتهى إلى علم وكالات المخابرات الأميركية أن الغضب استبد بالرئيس الصيني {شي جنبنغ} على كبار جنرالات الجيش الصيني. بقيت وكالات التجسس تحاول سبر أغوار ما علمه الرئيس {شي} وما هي الاجراءات التي سيتخذها بعد أن أخرجت الرياح المنطاد عن مساره المرسوم الذي كان يستهدف القواعد العسكرية الأميركية في غوام وهاواي.
لم يكن الرئيس "شي" ليعارض القيام بعمليات تجسس خطيرة على الولايات المتحدة، ولكن وكالات المخابرات الأميركية خلصت إلى أن جيش التحرير الشعبي كان يخفي الأمر عنه فلم يعلم به إلا بعد ان أصبح المنطاد فوق الولايات المتحدة. 

يعرض المسؤولون الأميركيون عن مناقشة الكيفية التي مكّنت وكالات التجسس من الحصول على هذه المعلومات بيد أنهم اكتشفوا، وفقاً لتفاصيل ترد لأول مرة  في هذا التقرير، أن الرئيس "شي" حين علم بمسار المنطاد وادرك أنه يمكن أن يقضي بالفشل على المحادثات التي كان يزمع اجراؤها آنذاك مع وزير خارجية الولايات المتحدة "أنتوني بلنكن"، عنّف كبار الجنرالات لأنهم لم يبلغوه بخروج المنطاد عن طريقه المحدد.

سلطت هذه الحادثة الأضواء على منازلة تدور رحاها في ميدان التجسس على درجة عالية من السرية بين الولايات المتحدة والصين، وهي مستمرة بالتوسع. 

تعد جهود التجسس بالنسبة لواشنطن جزءاً حيوياً مهماً من ستراتيجة الرئيس بايدن لكبح النهوض العسكري والتكنولوجي للصين، وهذا يأتي منسجماً مع نظرته إلى الصين باعتبارها التحدي الأعظم للقوة الأميركية على المدى البعيد.

اما بالنسبة لبكين فإن القوة الدافعة التي تقف خلف هذا التغاضي الجديد عن الفعل الجريء ما بين وكالات التجسس الصينية هي قيادة الرئيس "شي" الذي وجه جيشه للانخراط في تحركات هجومية على طول حدود البلاد، كما حث وكالات مخابراته الخارجية على تصعيد نشاطها في مواقع ابعد ترامياً.

يؤكد المسؤولون الأميركيون، الذين تحدث معظمهم بشرط عدم ذكر اسمائهم، في المقابلات التي أجريت معهم خلال عام كامل، على مدى جسامة التحدي. اما قوة المهام التابعة لجهاز مكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي آي" فقد كثفت جهودها لملاحقة المساعي الصينية لتجنيد جواسيس من داخل الولايات المتحدة. وقد شخص الاميركيون اثني عشر اختراقاً قام به مواطنون صينيون لقواعد عسكرية على الأراضي الأميركية خلال 12 شهراً الماضية. 

تتسابق الدولتان مع بعضهما أيضاً في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لاعتقادهما أنها ستكون بالغة الأهمية في الحفاظ على التفوق العسكري والاقتصادي وانها ستوفر لوكالات التجسس الخاصة بهما  قدرات جديدة.

أسست وكالة المخابرات المركزية "سي آي أي" ووكالة استخبارات الدفاع في البنتاغون مراكز جديدة مهمتها تركيز نشاطاتها التجسسية على الصين. وقد شحذ المسؤولون الأميركيون كل قدراتهم لاعتراض الاتصالات الالكترونية، حتى شمل الأمر استخدام طائرات التجسس قبالة السواحل الصينية.

صراع الجاسوسية مع الصين يفوق من حيث سعته حتى ذلك الذي جرى بين الأميركيين والسوفييت خلال حقبة الحرب الباردة، كما يقول "كرستوفر راي" مدير مكتب التحقيقيات الفدرالي "أف بي آي"، حيث مكّنت قوّة الاقتصاد وضخامة التعداد السكاني في الصين من بناء اجهزة مخابرات اكبر واوسع مما تقوى عليه الولايات المتحدة.

قال " كرستوفر راي" في مقابلة أجريت معه: "الحقيقة التي لا مفر من الإقرار بها هي إننا أصغر تعداداً بكثير على الأرض مقارنة بجمهورية الصين الشعبية، ولكن واجب الدفاع عن الشعب الأميركي هنا، داخل أراضينا، يقع على عاتقنا، وأنا أرى في هذا تحدياً لجيلنا."

لكن الصين تنظر إلى الأمر بطريقة مختلفة، إذ يقول "وانغ وينبن"، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، إن الولايات المتحدة هي دولة الاستخبارات رقم واحد ولديها اكبر شبكة للتجسس في العالم، على حد تعبيره.

ملاحقة بلا استثناء

تمتلك أجهزة الاستخبارات القدرة على وقف الانزلاق نحو الحرب، او حتى تمهيد الطريق نحو مفاوضات حساسة، ولكنها قادرة في الوقت نفسه على التعجيل بدفع الأمم نحو الصدام المسلح او التسبب بتصدعات دبلوماسية.

ففي أواخر شهر شباط، وبعد اسابيع من الغائه رحلة مهمة إلى بكين بسبب حادثة المنطاد، واجه بلنكن كبير الدبلوماسيين الصينين بتقييم استخباري أميركي مفاده أن بكين كانت تدرس فكرة تقديم أسلحة إلى روسيا. هذا الكشف رفع مستوى التوترات، ولكنه في الوقت نفسه ربما كان سبباً في ثني الصين عن ارسال تلك الاسلحة، كما يقول المسؤولون الأميركيون. وعندما ذهب بلنكن أخيراً إلى بكين في حزيران أثار مسألة النشاطات الاستخبارية الصينية في كوبا. 

يقول مسؤولون أميركيون إن أقمار الاستطلاع الصينية، التي شهدت تطوراً هائلاً، واختراقاتها الالكترونية هي أهم وسائل الصين لجمع المعلومات الاستخبارية. كما ان اسطول مناطيد التجسس، رغم كونها أدنى تطوراً بكثير، قد سمح للصين باستغلال منطقة "الفضاء القريب" التي لم تخضع بعد للضوابط والانظمة. وقد حذرت حكومة الولايات المتحدة حلفاءها من أن قدرات الصين على المراقبة والرصد الألكتروني ستتوسع اذا ما استخدمت دول العالم تكنولوجيا مستوردة من شركات الاتصالات الصينية.

يمثل الذكاء الاصطناعي ساحة منازلة أخرى، فحكومة الولايات المتحدة تعتبر ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي سبيلاً يساعدها على مقابلة القوة العددية للصين. في حين يأمل المسؤولون الصينيون، كما يقول الأميركيون، إن تساعدهم التكنولوجيا على مواجهة القوة العسكرية الأميركية، بما في ذلك تحديد مواقع الغواصات الأميركية بدقة عالية وتحقيق الهيمنة في الفضاء.

يشعر المسؤولون الأميركيون ايضاً بالقلق أكثر من أي وقت سبق من مساعي الوكالات الصينية لجمع المعلومات الاستخبارية من خلال الاتصالات الشخصية. يقول هؤلاء المسؤولون إن وزارة أمن الدولة، التي تمثل في الواقع وكالة المخابرات الصينية الرئيسة، تهدف إلى زرع عملاء او مجندين تابعين لها في كافة مفاصل الحكومة الأميركية، وكذلك في شركات التكنولوجيا والصناعات الدفاعية.

يستخدم العملاء الصينيون مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا "لنكد إن"، لاستدراج الاشخاص الذين يحتمل تجنيدهم. وفي كل مرة يتقبل فيها شخص أميركي وظيفة استخبارية معلنة يجب عليه أن يتوقع سيلاً من الدعوات ينهال عليه من قبل مواطنين صينيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفقاً لما يقوله مسؤولون حاليون وسابقون.

رداً على هذا التهديد أخذت الوكالات الفدرالية توسع بهدوء عملياتها الداخلية للإيقاع بهؤلاء الجواسيس والقبض عليهم. يقول السيد راي إن مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي آي" لديه آلاف التحقيقات المفتوحة التي تخص المخابرات الصينية، وإن كل مكتب من مكاتبه الميدانية البالغ عددها 56 مكتباً لديه قضايا نشطة. هذه المكاتب الميدانية كلها لديها حالياً فرق لمكافحة الإرهاب والمهام السيبرانية تركز بدرجة كبيرة على التهديد الذي تشكله المخابرات  الصينية.

تشمل تلك التحقيقات محاولات يقوم بها الجواسيس الصينيون لتجنيد مخبرين وسرقة معلومات واختراق أنظمة ومراقبة المنشقين الصينيين في الولايات المتحدة ومضايقتهم، بما في ذلك استخدام ما يسمى "نقاط الشرطة".

لكن المنتقدين يقولون إن بعض جهود مكافحة التجسس التي تقوم بها الحكومة الأميركية منحازة عنصرياً وتطغى عليها عقدة الشك إلى حدود ترقى إلى مستوى "رعب أحمر" جديد وهي تهمة تدعمها، جزئياً على الاقل، الدعاوى القضائية التي اضطرت وزارة العدل إلى اسقاطها وكذلك اغلاق برنامج مبادرة الصين الذي يعود إلى عهد ترامب.

أطلقت الصين من ناحيتها حملة موسعة خاصة لمكافحة التجسس، حملة تحاكي الحملات السياسية في عهد ماو. فقد شرّعت الصين توسيعات شاملة لقانون مكافحة التجسس. واعلنت وزارة أمن الدولة أن على أفراد المجتمع جميعاً أن يساهموا في مقارعة التجسس الأجنبي وعرضت مكافآت لمن يقدم معلومات بهذا الصدد.

انشأت الحكومتان المتنافستان ايضاً، الأميركية والصينية، مراكز جديدة للتنصت وابرمتا اتفاقيات سرية مع حكومات أخرى لتبادل المعلومات الاستخبارية. كذلك يكثف العملاء الأميركيون والصينيون من عملياتهم ضد بعضهم البعض في المدن ذات الاهمية المحورية من بروكسل إلى ابو ظبي وسنغافورة، وكل طرف يسعى للتأثير على المسؤولين الاجانب وتجنيد عناصر في مواقع مهمة.


فن قراءة الخواطر 

يمكن القول إن أهم المعلومات الاستخبارية وأرفعها قيمة بالنسبة لوكالات التجسس الأميركية هي قرارات الرئيس "شي" ونواياه، غير ان هذا الهدف في الوقت نفسه أشد الأهداف تفلتاً ومناورة.

تحاول الوكالات الأميركية حالياً الوصول إلى حقيقة السبب بالتحديد الذي يكمن وراء وضع وزير الدفاع الصيني، الجنرال "لي شانغفو"، تحت التحقيق بتهمة الفساد، ولماذا أقصى الرئيس شي وزير خارجيته "تشين غانغ". تعتمد الدبلوماسية والسياسة الأميركية على معرفة الدوافع الكامنة وراء مثل هذه التحركات.

قبل عقد من الزمن تم القضاء على شبكة مخبرين تابعين للولايات المتحدة في الصين على يد مسؤولي مكافحة التجسس الصينيين بعد أن افتضحت هوياتهم. منذ ذلك الحين تواجه وكالة المخابرات المركزية "سي آي أي" تحدياً كبيراً في إعادة بناء شبكتها، وجانب من السبب في ذلك هو أن شبكات المراقبة الإلكترونية المستمرة بالتمدد والاتساع داخل الصين جعلت من الصعب على الضباط الأميركيين، المتخصصين بمتابعة القضايا، التحرك داخل الصين بحرية للالتقاء بعناصر الاتصال.

إلى جانب ذلك كله تمتلك الصين برنامجاً للذكاء الاصطناعي قادر على تشخيص الوجوه وتحري طريقة مشي الجاسوس الأميركي، وهذا معناه أن اساليب التمويه التقليدية لم تعد كافية لتجنب الافتضاح، على حد تعبير مسؤول استخبارات سابق. 

اضف إلى ذلك أن السيد "شي"، شأنه شأن غيره من الزعماء الصارمين، يحدّ من استخدام هاتفه او وسائل الاتصال الالكترونية لهذا الغرض بالذات ولكي يجعل من الصعب على وكالات الاستخبارات الأجنبية اعتراض أوامره والتنصت عليها.

بيد أن المسؤولين في هذا النظام البيروقراطي الواسع في ظل حكم السيد "شي" يستخدمون الأجهزة الإلكترونية، وهذا يمنح الوكالات الأميركية فرصة استراق المعلومات (وهو ما يطلق عليه في عالم الجاسوسية استخبارات الاشارة) للحصول على نظرة معمقة على المناقشات الداخلية لنظرائهم الصينيين.

في حادثة المنطاد بدأت وكالة المخابرات المركزية "سي آي أي" بتتبعه منذ انطلاقه خلال شهر كانون الثاني، بحسب المسؤولين، عندما أفلته الجيش الصيني من جزيرة هاينان. وقد توصل هؤلاء المسؤولون إلى أن القادة في "اللجنة المركزية العسكرية" التي يرأسها السيد شي لم يحاطوا علماً بهذا الاطلاق تحديداً إلا بعد ان بدأت الأمور بالانفلات والانزلاق نحو الأزمة، لذا أخذوا ينفسون عن شدة احباطهم بتعنيف الجنرالات المشرفين على برنامج المراقبة.

بقيادة "وليام بارنز"، وهو مدير وكالة المخابرات المركزية منذ 2021، وظفت الوكالة مزيداً من الخبراء الصينيين ورفعت مستوى الانفاق في المساعي التي تركز على الصين كما أقامت مركزاً جديداً للمهام حول الصين. وإذ يرفض المسؤولون الأميركيون مناقشة التفاصيل المتعلقة بشبكة المخبرين في الوكالة صرح بارنز علناً أن الوكالة قد أحرزت تقدماً في إعادة بناء "قدرة استخباراتية بشرية قوية" على حد وصفه.

رغم أن من غير الواضح بعد مدى فعالية ونشاط الشبكة الجديدة يعتقد بعض المسؤولين الأميركيين أن اسلوب الحكم الصارم الذي يمارسه السيد "شي" في ادارة الدولة يفتح امام وكالات المخابرات الاجنبية ثغرة لتجنيد المواطنين الصينيين الساخطين والمتضررين، ومن بين هؤلاء افراد من النخبتين السياسية والتجارية الذين كانوا منتفعين لعقود سابقة من سيطرة حزبية أقل شدة وقيادة آيديولوجية أخف وطأة. 

في السر لا تخفي بعض الشخصيات الصينية البارزة، ومن بينهم أمراء صغار من عائلات النخبة في الحزب الشيوعي، عدم اتفاقها مع الانعطافة التي اتخذتها الصين. كما تضخ الصين الموارد بهدف تكييف نمط تفكير كبار المسؤولين الأميركيين. 

حيث تشير لائحة اتهام صادرة عن وزارة العدل كشف عنها النقاب في شهر تموز بأن طبقة رجال الأعمال الصينيين المرتبطين بالحكومة كانوا يحاولون تجنيد "جيمس ووسلي"، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية والذي كان من بين المرشحين لشغل منصب رفيع في مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب بعد انتخابات 2016 مباشرة. 

في الفترة الأخيرة حدث اختراق متطور باستهداف عالي الدقة لمنصة الحوسبة "مايكروسوفت كلاود" مكّن الصين من النفوذ إلى البريد الالكتروني لكبار الدبلوماسيين في وزارة الخارجية، بمن فيهم السفير الأميركي في بكين ووزيرة التجارة "جينا ريموندو".

يتخذ المسؤولون الأميركيون الذين يسافرون إلى الصين اجراءات مضادة مضنية لتجنب حدوث تسلل إلى الأسرار الحكومية، حيث يستعملون هواتف محمولة واجهزة لابتوب من النوع الذي يستخدم لمرة واحدة ويتلقون توجيهات بترك جميع أجهزتهم الاعتيادية في المنزل ورائهم.

يقول "دينس وايلدر"، وهو محلل استخباراتي أميركي سابق في شؤون الصين، إن استقراء نواياً القادة الأميركيين يأتي على رأس الأولويات القصوى بالنسبة لوكالات الاستخبارات الصينية.

يقول: "ما يبحثون عنه هو التخطيط والنوايا على المستويات العليا .. ما الذي يفكر فيه وزير الخارجية حقاً؟ ما الذي يفعله؟ ما هي العمليات التي تحيكها وكالة المخابرات المركزية ضدهم؟"


تقدير حجم القوة العسكرية

يقول المحللون إن ما من شأن في العلاقات الأميركية الصينية أبلغ شأناً كما يبدو من قضية تايوان، فهذه هي نقطة الشرارة الأولى المرجحة لنشوب الحرب، فقد قال السيد "شي" إن الصين لا بد لها من السيطرة على تايوان، ولأجل هذه الغاية أمر الجيش الصيني بأن يكون مستعداً لذلك بحلول العام 2027. بيد أن الولايات المتحدة او حلفاءها لم تتوفر لديهم حتى الآن كما يبدو معلومات استخبارية ملموسة تؤكد أن السيد "شي" سيكون مستعداً لإصدار الأمر بالغزو.

تستحوذ على الصين هواجس تتعلق بالجانب الآخر من السؤال. 

فقد أعلن بايدن أربع مرات أن الجيش الأميركي سيدافع عن تايوان اذا ما حاولت الصين الاستيلاء على الجزيرة، لكن هل يعني بايدن هذا حقاً؟ وهل يخطط القادة الأميركيون لإبقاء تايوان خارج قبضة الصين إلى الأبد؟ هذه الاسئلة على ما يعتقد هي النقاط التي تتمحور حولها بعض الجهود الاستخبارية الصينية.

بغياب المعلومات الاستخبارية الحقيقية المتعلقة بالنوايا يبقى المسؤولون الأميركيون والصينيون يركزون جهودهم على جمع المعلومات عن القدرات العسكرية لبعضهما بعضاً. فالولايات المتحدة مثلاً قد صعدت عمليات المراقبة الجوية على القواعد العسكرية الصينية.

في الوقت نفسه تمكن عملاء مخابرات صينيون على مدى العقود من اختراق مفاصل عديدة للحكومة التايوانية، كما يدعي مسؤولون سابقون في المخابرات الأميركية. ويحاول العملاء الصينيون الآن الحصول على مزيد من المعلومات بشأن جهود إدارة بايدن لتزويد تايوان بأنظمة تسلح معينة واعطاء القوات التايوانية تدريباً سرياً. 

ويقول مسؤولون أميركيون إن رغبة الصينيين في معرفة المزيد عن الاستعدادات الأميركية تفسر محاولاتهم لمراقبة القواعد العسكرية في جميع انحاء أميركا. 

فعلى مدى 12 شهراً الماضية، حسب المسؤولين الأميركيين، تمكنوا من تتبع اثنتي عشرة محاولة قام بها مدنيون صينيون للتسلل إلى القواعد العسكرية والتقاط صور او قياس شدة النشاط الكهرومغناطيسي. كما يبدو أن بعض المحاولات الأخيرة كانت مركزة على قواعد سيكون لها شأنها في الصراع التايواني، حسب قولهم.

في شهر آب اتهمت وزارة العدل الأميركية بحارين أميركيين باعطاء اسرار عسكرية إلى عملاء المخابرات الصينيين، ولو أن البحارين نفيا التهمة وادعيا البراءة.

إلا أن جمع المعلومات بحد ذاته لا يعد مقدمة لحرب. بل الأحرى ان الجهد التجسسي قد يكون بديلاً عن الصدام المسلح، وهو ما كان عليه الحال في كثير من الأحيان خلال حقبة الحرب الباردة.

يعتقد مسؤولو المخابرات الأميركيون أن الصين لا تريد الحرب الآن بسبب تايوان، وهذا هو ما أعلنته مديرة المخابرات القومية "أفريل هاينس" امام الكونغرس، مضيفة: "حسب تقييمنا أن بكين لا تزال تعتقد أن بوسعها الخروج بأقصى الفوائد حين تمنع تصاعد التوترات وتحافظ على الاستقرار في علاقاتها مع الولايات المتحدة."


عن صحيفة نيويورك تايمز