{مليهي} الرعيان و{الزيطه}.. حكاية وتراث

ثقافة شعبية 2024/02/22
...

 عادل العرداوي

 أخوض اليوم في موضوع طريف ومفيد وممتع ، ويوضح ثراء مفردات اللهجة العامية العراقية بمختلف تفرعاتها وتعبيراتها وطرق نطقها التي هي في نهاية المطاف تنتسب إلى شجرة اللغة الأم وارفة الظلال ، اللغة العربية لغة القرآن الكريم .. بالصدفة فقد أطلعت في احد المواقع الإلكترونية  قبل أيام على صورة لطير جميل وانيق المظهر يطلب صاحب الموقع معرفة اسم ذلك الطير ..؟

وهكذا فقد انهالت التعليقات والتوصيفات لذلك الطير الجميل الذي هو من سلالة عائلة الطيور العصفورية وأعني بذلك طير (الزيطة) ... فهو كما يرى الباحث في مجال الطيور (هادي آل مير) وهو من ريف 

(طويريج) أن هذا الطائر هو من عائلة الطيور العصفورية ( انتساباً للعصفور) وكما يبين فأن : الزيطه والبلبل الحر وبلبل الهور والبلبل الدبخي والحمرة والزرزور والغراب والزاغ و( بايگ حنة امه) والقبرة (الگنبره) والعصفور الدوري كلها تعود إلى تلك العائلة 

العصفورية ...! 

وهذا الطير يعد من الطيور المهاجرة الذي يصل إلى البيئة العراقيّة الدافئة ليبقى فيها من كانون الأول حتى شهر نيسان سنوياً ليغادر بعدها راجعاً إلى موطنه الأصلي وهكذا فهو في ترحال دائماً ...

وهذا الطير ايضاً يعد من أسرع الطيور حركة  وطيراناً ، ولايمكن اصطياده إلا نادراً لذلك فأن أبناء  الريف يطلقون عليه تسمية ( ملهي او مليهي الرعيان ..!) اي أن رعاة الماشية في الصحراء والحقول ينشغلون كثيراً في مطاردته بغية القبض عليه واصطياده ، لكن هيهات ..! فأن كل محاولتهم تذهب أدراج الرياح ، مما يدفعهم في تلك المطاردة الخاسرة إلى الابتعاد عن قطعانهم، مما يتيح للذئاب المتربصة بهم فرصة ذهبية مواتية للهجوم على القطيع وأخذ ما يشتهونه بدون ( وجع راس ) لأن الراعي مشغول باصطياد (الزيطه).!!

والزيطة كما هو معلوم فأنه يتواجد بالقرب من المستنقعات والبرك المائية وترافق عملية تقليب التربة ( الحراثة او الكراب) لالتقاط الحشرات الضارة والنباتات الطفيلية التي تظهر أثناء عملية تقليب الأرض المعدة للزراعة من قبل الفلاحين.. 

وهناك من يصف طير ( الزيطة) بالطير ( النچر ) الذي لايمكن السيطرة عليه لخفته ومناوراته العجيبة الغريبة، لذلك يضرب المثل بالولد الصبي الخفيف الحركة إذ يقال عنه ( فلان مثل الزيطه هسا ايروح ويرجع..!) وتشير المعلومات أيضا بأنّه يتميز باللونين الأصفر والرصاصي ونادراً ماتجد زيطة باللون 

الأزرق..!!

وفي معظم مناطق العراق يسمى 

(زيطه) ولكنه في بعضها الآخر يسمى بتسميات أخرى منها :

(عصفور بغداد ، ودويچ الرز، وفسوگة الحيالة، وگنبره، وچكچكان، وازويطه، وسنيسله وازنيزله كما هو  الحال في المناطق الغربية من البلاد، وزنزل شتوي، وعصفور او بلبل الجبل، ونيسله وسمام، وام اسويلف، وقرقس، وططوه، وسنونو ، ومزياط ، وباللهجة الكردية في أرياف محافظة دهوك تسمى ( بلا ڤيك ) واكتروس ، وكركزانه ، وطائر الثلج، وطسله، وذعره بيضاء، وهازج قصب الهور، وزرزور، وعصفور، وزاغ، وچطه، وزيط البط ، وأظن بالتركي ( جكلي چكان ) وفيسقه ، وتي . تي ) وفي مصر يطلقون عليها تسمية ( ابو مضاده) وفي ليبيا يسمونه ( ام بسيسي) هل لاحظت  عزيزي القارئ ثراء العامية العراقية في تسمية هذا الطير المهاجر ( الزيطة ) ياترى .. وهل لديكم  إضافات أخرى لتسميته فاتتنا مثلاً ..؟

ودعونا نردد مع الشاعرة الريفية المجهولة التي هزجت في يوم ما مخاطبة قبيلة ( الجبور ) العربية والعراقية الكريمة، بعد أن شاهدت طير ( القبر/ الگنبر ) يعيث في مزارع الجبور فساداً قالت محذرة 

لهم :

( رحمه اعل ابيك يجبور 

حطوا بزرعكم ناطور

عن الگنبر والعصفور 

وانچان ما حطيتوا

.. لزعل واروحن غادي ..!)