زيد الشهيد مؤرخ الحياة الشعبيَّة في السماوة بالقرن العشرين

ثقافة شعبية 2024/02/22
...

 باسم عبد الحميد حمودي

كنت أظن وأنا أقرأ الجزء الأول من السفر الجميل والمفيد الذي أصدره الأستاذ زيد الشهيد قبل عامين تحت عنوان ( السماوة في القرن العشرين) أن زيدا لم يترك شاردة  ولا واردة عن هذه المدينة الفراتية  الرائعة لم يذكرها، لكني فوجئت - مبتهجا- بهذه الفصول التسعة الجديدة مع ملاحقها مستوية في الجزء الثاني من كتاب ( السماوة في القرن العشرين) الذي هو الآن بين أيديكم.

اجتهد الاستاذ الشهيد لسنوات وهو يجمع فصول هذا الكتاب من الشواهد والأمكنة والأفراد والكتب والمراجع  البعيدة والقريبة، ويستجوب عشرات الشخصيات الفكرية والرياضية والفنية والمؤرخين الشعبيين من حفظة الأثر الشعبي في الصدور ليكون فصول هذا الجزء الثّري الغني بتفاصيل جديدة عن الحياة الشعبيّة في هذه المدينة التي أرادتها العهود الحاكمة بعيدة عن العمران وعن سلم الحضارة وقصرت في مدها بالتخصيصات المالية الكافية لتطوير مثاباتها الحضارية من زراعة وصناعة وتعليم في وقت وقفت فيه هذه القوى الحاكمة ابتداء من العهد العثماني ومرورا بالعهد الملكي، والعهود الجمهورية المتعددة والتوجهات السياسية والارادات المتعالية من 

(السماوة) وأهلها موقف السلب والعسف والتعدي على حقوق المدينة ومجتمعها الزاخر بالكفاءات والعقول النيرة.

جاءت فصول الكتاب الجديدة موثقة لحياة هذه المدينة تاريخيا وسياسيا وفكريا، وتناول الكتاب أبرز الشخصيات التي أعطت للمدينة وريفها  كل  ما ملكت، في وقت قام في المؤلف بصبره العجيب بمتابعة التجارب السياسية والفنية  والفكرية للشخوص الذين استنطقهم، ولم يبخل في ذكر وقائع أسرية خاصة خدمة للحقيقة عندما روى وقوف والدته الكريمة مع مناضلة سماوية واخفائها في منزل الأسرة ومتابعة حياتها الشاقة المثقلة بالقدرة على تحمل الصعاب 

من أجل الوطن.

جاء هذا الجزء الذي استعان بالمصادر التاريخية المتوفرة استنطاقيا بوجهه العام، وهو 

(استنطاق) قام به المؤلف على مدى جلسات وفي عدة مجالات وللكثير من حاملي المعلومة الشعبية في الأدب والفن وحركة السوق وشخصيات السياسة وصولا إلى أسر من الأخوة الكرد في القتال بين الاخوة ووصولا إلى من اطلق سراحه ومن حارب في فلسطين في معارك الجهاد  التي بدأت منذ  عام 1947.

أن عملا توثيقيا مهما في هذه الفصول التسعة التي درست كل تفاصيل الحياة الشعبية لهذه المدينة الفراتية المهمة يجلب الشكر والتهنئة ولايستطيع المنصف  الذي أطلع على هذا الجزء المهم من حياة( السماوة في القرن العشرين) إلا أن يشيد بعمل  الاستاذ زيد الشهيد ويبارك هذا الحرص على توثيق المعلومات بالصور  المهمة وخصوصا في الملحق الصوري  في الكتاب.... فقد صور حتى السجينات السياسيات وهن يقفن أمام جلاديهم.

وكان زيد الشهيد منصفا تماما وهو يصف انحراف ثورة 14ىتموز عن أهدافها وعن الأنظمة الدكتاتورية التي أعقبتها  وهو يشير إلى موقف المناضلين والمناضلات من السماوة  وهم يقفون ضد انحرافات السياسة عن بوصلة الحق والحرية، وقد تحملوا الكثير نتيجة هذه المواقف الشجاعة لمدينة اشتهر أهلها بالشجاعة قدر اشتهارهم بالكرم  والجود في  العطاء.