فلسفة التخطيط

الرياضة 2024/02/22
...

علي حنون



في كل العالم وفي مختلف أرجاء المعمورة، يقف الجميع على حقيقة تعكسها الأبعاد التي تبلغها المساعي المبذولة، التي يُراد منها ومن خلالها أن تكون رأس الرمح في النتيجة المطلوبة من وراء التخطيط سواء القريب أو المتوسط أو بعيد الأمد، ولأننا جُبلنا على سلك سبيل مُغاير لا يَستند في كل مدياته على التخطيط الواقعي، فإننا سنبقى وفق ذلك غير مُؤهلين لإصابة ما ننشد من نجاح، وحتى لو كان لنا بلوغ حلقات من الفلاح في قطاع ما، فإنها بكل تأكيد لن تكون مُسايرة لحجم التطلعات.

ورغم العديد من آيات البيان، التي تحققت بفضل حنكة الآخرين من حولنا بصدد التمهيد للمسيرة عبر وضع سبيل للإعداد الأمثل مروراً بجميع محطات التأهب، فان هذه الموضوعة لم تشفع للقائمين على المسؤولية عندنا الإفادة من التجارب المُتقدمة في العالم وفي مختلف الضروب ومنها الشأن الرياضي وفيه يسري ذلك على العمل سواء في إدارات الأندية أو قيادات الاتحادات الرياضية ولأغلب الفعاليات.

الأمر لدينا، وكما صار أمامنا غير برهان يُسنده، يتعلق بالمناسبات، فنحن نكتفي بالاستعداد للمنافسات قبيل انطلاقتها بفترة زمنية غير كافية وغالباً لا تتعدى الأيام وكأن الحال يبدأ وينتهي بانتهاء الاستحقاق الذي نتأهب له، لذلك لم ولن نرتجي من المسؤولين وعبر تشكيلات الإدارات المُتعاقبة للاتحادات والأندية، الإتيان بفلسفة عمل ترنو بنظرتها الثاقبة إلى القريب والبعيد من الزمن طالما كانت الاجتهادات المبنية على مصلحة الوجود هي السمة الغالبة وهي اللغة المُشتركة، التي تقود حوار العمل بين أعضاء الإدارة.

وإذا أردنا الوقوف على النجاحات، التي طالتها عدد من منتخبات دول المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية في عينة من الفعاليات، فانه لن يكون عسيراً علينا حصر القفزات، التي تحققت لألعاب تنشط فيها، في زاوية التخطيط السليم وبعيد المدى، الذي تصدى له مُختصون وأكاديميون، حتى أن المُتوفر من المعلومة يُؤكد أنَّ بين دول الخليج يوجد هناك عراقيون خططوا وأسسوا للانطلاقات الايجابية لمنتخباتها الكروية على وجه التحديد. واليقين أنَّ الوجوه، التي تتقدم ركب المسؤولية عندنا، تدرك ذلك وأيضاً تقف على إيجابية الاعتماد على البرمجة المُسبقة لمُجمل حلقات الإعداد، لكن الغريب في الأمر هو إصرار من بيدهم القرار على البقاء في كنف النظرة المحدودة للمتعلقات الفنية مع أنَّ جُلّهم عندما يأتي بتصريح يُشير فيه إلى أهمية الاستفادة من دروس الأخطاء الفائتة والأهمية، التي تقف عليها موضوعة إعداد برامج مسبقة تأخذ في سبيلها مختلف محطات الإعداد والتأهب للقادم من المنافسات الخارجية.

وبين النظري، الذي تُعلنه تصريحات المسؤولين وبين الواقع، الذي يتواجد في باحة سلوكهم المهني، فان الحيرة تكون حاضرة باستمرار ومعها تتقدم العديد من علامات الاستفهام، وما يعنينا كمتابعين، هو أن يأتي أصحاب الشأن الكروي على القرار السليم في كل خطوة، وان تكون الأسرة، التي يعنيها قيادة الدفة في سفينة فرقنا الوطنية، مُؤهلة لرسم سياسة إعداد حقيقي وأمثل لمنتخباتنا وقبل فترات ولتكن موسومة بالسنين، وعبر الاستعانة بمن لهم الخبرة والدراية في جانب التخطيط بعيد المدى، لطالما كان في هذا الإجراء الملاذ لإصابة الخطوات الايجابية في المسيرة وتحقيق النتائج، التي نتطلع جميعاً لان تكون خاتمة حضور تشكيلاتنا في مقابلاتها الدولية.