ياسر المتولي
أختلف تماماً مع من يصوِّر إجراء الخزانة بحقِّ المصارف بأنه إجراء منع التعامل بالدولار لا بل هو عقوبة فعليَّة فلِمَ تحسين الصورة؟
لنبحث في الآثار السلبية لقرارات الخزانة على القطاع المصرفي، فأول الآثار هو الإساءة إلى سمعة المصارف، ومعروف لدى الجميع آثار مخاطر السمعة في إرباك العمل المصرفي وعزوف العملاء عن إيداع أموالهم أو سحبها لمجرد مخاوف بعينها جرّاء الفوضى التي تُحدثها العقوبات والشائعات وبعض المتربصين من المضاربين.
ففي الوقت الذي بُذلت فيه الجهود المضنية من قبل المصارف ورابطتها وحتى البنك المركزي خلال الفترة القصيرة المنصرمة لاستعادة الثقة وبدأ النشاط المصرفي يتعافى ويقدم بعض الخدمات المصرفية على أكمل وجه حتى تأتي قرارات الخزانة الأميركية ضد أكثر من ثلث المصارف الخاصة وبما لا يقبل الشك لتتسبب بمخاطر السمعة من جديد.
لكن على ما يبدو أنَّ الثقة ما زالت باقية لدى البعض من العملاء بمتانة ورصانة وصمود والقناعة بوجه هذه القرارات التي ظاهرها مخالفات وباطنها لأغراض سياسية وحتى المخالفات المؤشرة كانت لفترات سابقة قبل التعليمات التي أصدرتها الخزانة.
وهنا يتعين على المصارف التي تعرّضت إلى هذه العقوبات أن تعمل بثبات ولا تدع هذه القرارات تضعف دورها في تقديم خدمات مصرفية تسهم في تعزيز الثقة وتعميق جسورها مع العملاء من أجل المضي في النشاط المصرفي.
ولعل ما تقدمه بعض المصارف مبعث إعجاب وبصمود منقطع النظير وأذكر على سبيل المثال مصرف الطيف الإسلامي والمصرف الدولي الإسلامي وغيرها من نشاطات ونتاجات مصرفية غير آبهة بالعقوبات وهو الرد الأمثل على هذه العقوبات العبثية في بعضها.
إنَّ مسألة إلغاء نافذة العملة كانت مقررة منذ مدة وكنا قد نبّهنا في عديد المقالات على عدم الاعتماد على نشاط النافذة كونها وقتية ولظروف معينة.
إنَّ عملية التخفيف من وطأة عقوبات الخزانة تتطلب من الجهات ذات العلاقة (البنك المركزي، وزارة المالية) إيجاد وسائل دعم لحماية المصارف وإسنادها في ممارسة نشاطها الائتماني والأنشطة المصرفية الأخرى، ولعل شركة ضمان الودائع وتنشيطها أحد أهم هذه الوسائل رغم ملاحظاتي على ضعف دورها الإعلامي والتسويقي حيث تحتاج إلى إظهار نشاطاتها بوضوح. في موازاة ذلك على البنك المركزي ورابطة المصارف العمل بكل السبل المتاحة لإيجاد الوسائل الكفيلة بإلغاء أغلب هذه القرارات المجحفة في حق بعض المصارف وذلك لالتزامها بالمعايير الدولية المطلوبة.
وعلى المصارف الاستفادة من قرار السماح بالتعاطي بالعملات البديلة عن الدولار في نشاطات التحويلات الخارجية خصوصاً أنَّ بريكس منافس قوي قادم لا محالة وهي فرصة تتيح للعراق وتساعده على القبول ضمن المجموعة مستقبلاً .
إذ لا مناص من التخلص عن عبء الدولار إلا بالبديل القادم وإنَّ الخزانة بإجراءاتها تدفع
للبحث عن البديل.