لا أمن بدون استيطان

آراء 2024/02/29
...

نرمين المفتي

طالما قدم الكيان الصهيونى (دولته) بأنها الأكثر تحضرا في المنطقة واحيانا في العالم وطالما سوّق الإعلام الغربي هذه الصورة.
كان احد اركان (التحضر) المفترض في قرار المحكمة (الاسرائيلية) العليا، الذي جاء بعد أشهر من إعلان تأسيس الكيان، اذ حكمت هذه المحكمة أن "المباديء الأساسية للقانون الدولي المقبولة بصفتها ملزمة لكل الدول المتحضرة يجب ان تؤسّس في النظام القانوني (الاسرائيلي)".. وإذا كانت الدول، التي عملت على تأسيس الكيان كقاعدة لمصالحها في المنطقة تقوم على قدم وساق في تسويق صورة (تحضره)، كانت حكومات الكيان تعمل ضد قرار محكمتهم، وتخرق القوانين الدولية خاصة بعد حرب حزيران 1967 مع تمدد احتلال الكيان جميع الأراضي الفلسطينية، الضفة الغربية والقدس، والجولان وسيناء.
وبرغم اعتبار المجتمع الدولي انشاء المستوطنات في الأراضي المحتلة أمرا غير قانوني، واكد مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر، وفي السنوات التالية البرلمان الأوربي ولجنة حقوق الانسان الاممية وغيرها من المنظمات ان المستوطنات تخرق المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة والتي تنص على أن "النقل الجبري الجماعي، وكذلك عن ترحيل الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة وهو محظور أيا كانت دواعيه".
والمعروف أن اتفاقية جنيف الرابعة صدرت لحماية المدنيين في مناطق الحرب والاحتلال.
ولابد من الإشارة إلى مجلس الامن 446 الذي اكد ان هذه الاتفاقية تشكل "الأداة القانونية الدولية المطبّقة".
لكن الكيان استمر في انشاء المستوطنات والقيام بالتغيير الديموغرافي في المناطق المحتلة بافراغها من الفلسطينيين، اصحاب الارض الأصليين، وفي 2014، أعلن ممثلون عن 126 في المؤتمر المنعقد للأطراف العليا الموقعة على اتفاقيات جنيف أن "المستوطنات غير قانونية".
واذ كانت محكمة العدل الدولية تنتظر رد الكيان على قرارها التي اتخذته في الشهر الماضي استجابة لدعوى رفعتها جنوب أفريقيا ضده، عقد الصهاينة المتطرفون وبينهم الوزراء الذين يساندون نتانياهو في استمراره بحرب الابادة في غزة، وفي القدس المحتلة مؤتمراً تحت عنوان "الاستيطان يجلب أمنا وانتصارا نعود لقطاع غزة وشمال السامرة (الضفة الغربية)" وطالبوا بإعادة بناء المستوطنات الصهيونية في قطاع غزة الذي انسحب منه جيش الاحتلال والمستوطنون في 2005.
وقال المتطرفون بأن المستوطنات في القطاع ستمنع 7 اكتوبر اخرى، في اشارة إلى طوفان الأقصى وبأن أطفال المستوطنين الذين انسحبوا من القطاع، اصبحوا جنودا يقاتلون فيه (لتطهيره) وعودتهم اليه.
ورددوا عاليا بأن اتفاقية أوسلو ماتت، ولا بد من اجبار الفلسطينيين من سكان غزة إلى ترك غزة وطالبوا الدول الأوروبية باستقبالهم كمهاجرين! في المقابل، ومع اقتراب دخول حرب الابادة شهرها الخامس وارتفاع عدد الشهداء إلى حوالي 30 الف والذين اكثر من ثلثهم من الأطفال، مع كتابة هذا المقال، فإن الغزيين يرفضون مغادرة غزة، برغم المجاعة التي يواجهونها واستمرار الحصار والافتقار إلى المياه الصالحة للشرب والاستخدام البشري، والى الادوية وخروج غالبية المستشفيات عن العمل اما بسبب نفاذ الوقود او بسبب القصف الصهيوني المتوحش المستمر ويكفيهم فخر كشفهم لـ(تحضر) المزيف امام الرأي العام العالمي.
وقطعا لا يزال صامدو غزة ينتظرون مؤتمر قمة عربي- اسلامي آخر وأن سيكون مثل مؤتمرهم، الذي عقدوه في الرياض وانتهى ببيان.