جبار الغزي يطلُّ من أزمنة الغياب

ثقافة شعبية 2024/02/29
...

 سعد صاحب


هذه ليست المرة الاولى ولا الثالثة ولا الخامسة ولا السابعة، التي ترتكب فيها حماقة الانقطاع، وتغيب في عالم من النسيان، فماذا نهدي لك كي تشعر بحرارة اللهيب في الدواخل المشتعلة؟ سوى مقطع من اغنية قديمة تقول كلماتها: (هاي وحده وياك يل ناسينه).
 هناك من يشعل حرائق الشوق، في الروح والوجدان والضمير والاضلاع، ثم ينسل من حياتك مثل شعرة من العجين، تاركا فيك شتى التفاصيل والذكريات والمواجع والحنين والمطر، يرعب روحك الرقيقة الحديث عن الفراق، وعن الهجران المر حين يأتي في ذروة التواصل، وأن جفاء الحبيب العزيز ليس سهلا، بل يرسم في القلب الجريح خارطة من الندوب، ويترك في الروح الحزينة، فاجعة من الرماد واليباس والبرد والفراغ والظنون(ولعتنه وما دريت شبينه).
قلوب رقيقة
نوقد الشموع وننتظر، أن يطل علينا من وراء ازمنة الغياب، شموعنا تذوي من شدة الاحتراق، على الابواب الموصدة وفي الطرقات والشوارع الضيقة، وفي حضرة الدراويش والشيوخ واصحاب الطريقة والائمة، واضرحة الرجال الصالحين (عالگين شموعنه وتنطرك). سهارى في ليالي العذاب، لست تدري بما نقاسي من المصائب، وما نعاني من قلة الاوفياء وكثرة الخائنين، انها الضربة القاضية للغرام، ولنا نحن اصحاب القلوب الرقيقة المنكسرة(ابد ليل افراگنه ما سهرك/ هاي تاليت الهوه وتالينه).

مصدر الهام
الخطأ الفادح في علاقاتنا العاطفية، حينما نرتبط بقوة بشخص واحد، ونسلم اليه زمام الامور، ويكون بالنسبة لنا مصدر المرح والالهام والانطلاق والسعادة، ويصير كل شيء في الحياة، والاسوأ عندما نفصح علنا عن حقيقة مشاعرنا، في وجود هذا الحبيب الغادر، حينها سوف يتفنن بتعذيبنا الدائم(غالي عدنه ومالنه غيرك حبيب). هو لا يجيد سوى نقل الحكايا السيئة عنا إلى الاخرين، والعيب فينا لاننا وضعناه في مكانة لا يستحقها، واعتبرناه من اجمل المحطات المشرقة في حياتنا، وهااننا اليوم نحصد ثمار خيباتنا في علاقة فاشلة، ليست على ما يرام كانت ايامها قلقة(ليش بحجاياتنه تودي
وتجيب).

طاغوت عشق
الاصرار على انه الامل المنشود، والاعتراف بان غيابه عن مجالسنا مصيبة لا تطاق، هو الذي حوله إلى طاغوت عشق، يتمادى على المحبيبن من دون سبب معقول، لهذا اصبح يتعامل كضابط صارم الملامح، يمنح جوازات الدخول والخروج من القلب بتأشيرة عاجلة، وكم من العشاق الضحايا ؟ على عتبات قلبه الخائن بلا رجاء ولا هداية (تغيب يسمر والفرح عنه يغيب/ شصار لو مريت يسمر بينه).