حفظ الإيرادات ورفاهيَّة الشعب

اقتصادية 2024/02/29
...

وليد خالد الزيدي

لم تخرج قضيَّة رفاهيَّة الشعب وتحقيق طموحاته في العيش الكريم عن إطار الإصلاحات الماليَّة والإجراءات المتخذة من قبل الحكومات لإعداد ستراتيجيات واضحة لتنويع الإيرادات وإدارة النفقات وتطوير برامج تنفيذ آليات متابعة المال العام ووسائل مراقبة حركته، وتلك المسألة هي أحد مرتكزات بناء أي دولة ونجاح قادتها لتحقيق الغايات في بلوغ ضفة الأمان وشواطئ النجاة واعتبارها جزءاً مهماً من حقوق الشعوب في التمتع بثرواتها الوطنية التي طرزت صفحات دساتير بلدانها ومناهج تنفيذ برامج مؤسساتها وتأمين الازدهار وإرساء دعائم الاستقرار بما يلبي طموحاتها وديمومة نجاح سياساتها المختلفة.
وفي بلدنا الغني بموارده فإنَّ مسألة تعدد مصادر الثروات والحفاظ عليها لن تغيب عن فكر قادة الدولة وهي لم تقتصر على القطاع النفطي دون سواه بل أنَّ تنويعها وعدم الاكتفاء بما تدره مبيعات النفط الخام على الموازنة العامة لهو حقيقة ماثلة قد وضعت لها الحكومة أولوية في سلم اهتماماتها وأدرجتها ضمن فقرات برنامجها الذي أقرته أمام ممثلي الشعب عند انبثاقها وإعطائها الثقة لخدمة المجتمع بكل شرائحه ما يستلزم الأخذ بعين الاعتبار مسألة البحث عما يقلل من وطأة الأزمات على حياة الناس.
ومما يمكن أن تقدمه الدولة لإنجاح برنامجها ومساعيها لتحقيق وإنجاز رفاهية الشعب هو تأمين أبسط مقومات العيش لجميع أفراد الأسر الفقيرة ودعمها مالياً، وهذا لا يعتمد فقط على تعظيم مصادر الثروة المالية كالضرائب وإيرادات خدمات مؤسسات الدولة بل أيضاً على حفظ المال العام وتفعيل سبل منع الترهل في الإنفاق على المشاريع الحقيقية، أو هدر الأموال على مشاريع وهمية، ومن باب الموضوعية لابد من القول إنَّ أبرز بوادر الاهتمام الحكومي بتنويع مصادر الإيرادات العامة والحفاظ عليها ظهرت بمحاربة الفساد المالي والسعي لإعادة المبالغ الضخمة المسروقة إلى خزينة الدولة عن طريق سياسة متوازنة داخلية استندت إلى توسيع سلطة الرقابة المالية وأخرى خارجية عن طريق استثمار العلاقات الدبلوماسية مع بلدان شقيقة وصديقة لحصر الأموال العراقية العابرة إليها بطرق غير مشروعة وإعادتها فضلاً عن تسليم المطلوبين لهيئة النزاهة والقضاء بما يخص السرقات ونهب الثروات والصفقات المشبوهة.
وفضلاً عما تم ذكره ذلك التوجه الحكومي المتدرج والمتوالي زمنياً نحو الطبقات الهشة أو من يسمى أفرادها بأصحاب الدخل المحدود الذين لا يمتلكون موارد مالية ثابتة ونظراً لزيادة أعداد الأسر الفقيرة وكثرة العاطلين عن العمل وقلة فرص التعيين وغلاء السلع والخدمات التي يحتاج إليها الناس بالتزامن مع ارتفاع أسعار صرف الدولار وما أنتجه من تضخم في نسب أسعار السوق المحلية وصعوبة تأمين الغذاء أو توفيره بشكل سليم والحروب والأزمات الدولية فكل هذا يتطلب البحث عما يقلل من وطأة تلك المشكلات على حياة عامة الشعب وهذا ما عملت عليه الحكومة من خلال الشمول بإعانات الحماية الاجتماعية وعلى قلتها لكنها تسهم في تجاوز صعوبة العيش الذي يلقي بظلاله على الأسر المحرومة من حاجاتها البسيطة.