خالد جاسم
عمل اللجنة الأولمبية، منذ التغيير الذي حدث في البلاد عام 2003، لم يستقر في الغالب على قاعدة صحيحة ويأخذ مسارات مدروسة تنتج التخطيط العلمي السليم لمجمل العمل الرياضي، وفي مجال صناعة الإنجاز العالي الذي هو صلب واجبات ومهام اللجنة الأولمبية، بقدر ما تسيدت الاجتهادات الخاصة والتعاملات الآنية البعيدة عن العلمية والفلسفة المنطقية في الأداء، نتيجة غياب القانون العصري الذي ينظم دورة حياة اللجنة الأولمبية في داخلها كمؤسسة أو في نطاق تعاملاتها مع المحيط الخارجي، سواء كان مع المؤسسات والجهات الأخرى في البلد أو في خارجه، مع أنها ظلت مرتبطة باللجنة الأولمبية الدولية بخيط رفيع لا يتعدى في الغالب إطار الرئيس والمرؤوس في جوانب محدودة جدا .
ولاشك أن غياب الدستور الموحد المتجسد بالقانون الخاص باللجنة الأولمبية ( قبل إقراره )، والضياع بين اللوائح والضوابط الانتخابية التي لا مرجعية محددة أو حاسمة لها، حتى مع التداخل الذي حدث هنا وهناك، قد أنتج توليفات أو تشكيلات في هيئة المكتب التنفيذي لا تعكس بالضرورة رغبات وتمنيات الجميع، كما هي ليست أنموذجا مشرقا، وليست هي في الوقت ذاته شكلا سيئا في قيادة الهرم الأولمبي، بقدر كونها نتاج صناديق الاقتراع التي ارتكزت أساسا على قواعد هلامية وركائز هشة قد لا تقدم النوعية المتميزة التي تحتضن الخبرة والكفاءة والمهارة في العمل الرياضي في صورة الجمعية العمومية، لكنها (شئنا أم أبينا ) تمثل واقع الحال وتحصيل الحاصل في كامل المنظومة الرياضية في البلد، وبالتالي فإن مطالبة اللجنة الأولمبية أو مكتبها التنفيذي باجتراح المعجزات وإحداث الطفرة النوعية في دورة زمنية عمرها أربعة أعوام، تكاد تكون ضربا من المستحيل وتكاد تقترب من أحلام العصافير ..
وهنا لا نقدم التبريرات المسبقة أو التبرئة المجانية لدورة عمل المكتب التنفيذي الجديد للجنة الأولمبية، بقدر ارتكاز رؤيتنا هذه على واقع معاش ومنطق سائد ...وإلا ما هي المقومات والأسلحة التي يمكن لهذا المكتب التنفيذي استخدامها في تحقيق ما يطالب به من طفرات نوعية وانتقالة تاريخية في مجمل الأداء الرياضي..؟
إنها معضلة كبيرة، بل صراع مع الذات ومع الآخرين، والتحدي كبير بل عظيم ويفوق ما هو متوفر من قدرات، لكن في الوقت نفسه لا يعني الجنوح إلى الخنوع ورفع الراية البيضاء والاستسلام لحال صعب وعصيب، بقدر ما تتطلب الأمور تحديدا واضحا وحاسما لخارطة طريق تتضمن تحقيق الأهداف القريبة المدى، وفق ما هو متوفر من إمكانات، ومثل هذه الأهداف لا تتحقق باجتماعات مستندة إلى لغة الحماس والعزم المتسرع في التغيير من دون امتلاك المقومات الكفيلة بالتغيير ووضع البدائل الأفضل .. بل الأمر يحتاج إلى وضع أولويات بعد تحديد العلل ونقاط الخلل، وهي أولويات تبدأ بالأهم فالمهم ووفق نظام الخطوة فخطوة.
طريق الإصلاح لا يعبد بالتمنيات أو بجلسات السمر والتعاطي مع الأمور بمنطق العاطفة، قدر ارتكازه على قواعد صحيحة نرى نتائج العمل بها قد بدأت بالتحقق، ونتمنى أن يكون الآتي أفضل، وسيكون كذلك إن شاء الله في ضوء ما نراه من خطوات واثقة في العمل الأولمبي الجديد .