بغداد: عماد الامارة
رأى خبراء اقتصاديون أنَّ تغير أنماط التجارة الدوليَّة بفعل التداعيات العسكريَّة في البحر الأحمر سيترك آثاراً سلبيَّة في التجارة النفطية العراقية بعد أن أدت إلى ارتفاع تكاليف النقل والشحن والتأمين واتباع طرق وممرات بديلة أطول.
وقال الأكاديمي والباحث الاقتصادي الدكتور عبد الكريم العيساوي لـ"الصباح": إنَّ التداعيات العسكرية التي تجري في البحر الأحمر بين جماعة الحوثي في اليمن والولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والدول المتحالفة معهما، مهمة للغاية لدول الخليج العربي والعراق ودول آسيا بما فيها الصين والهند باعتبار أنَّ قناة السويس تمثل الممر المائي الناقل للتجارة العالمية.
وأضاف أنَّ الأحداث الجارية في البحر الأحمر ذات أهمية جيوسياسية بالغة التعقيد عالمياً وإقليمياً، إذ إنها تركت آثاراً عميقة في التجارة العالمية والأسواق المالية والنقدية الدولية وشركات التأمين، وتوزعت تلك الآثار بين أطراف التجارة العالمية بسبب الطبيعة المترابطة في ما بينها.
وأشار العيساوي إلى ارتفاع تكاليف النقل والشحن والتأمين وهو ما يطلق عليه اصطلاحاً (السيف) في التجارة الدولية، بعد أن انخفضت أسهم شركات الشحن وزيادة التكاليف التشغيلية وارتفاع الشكوك بشأن تدفقات الإيرادات المستقبلية، إضافة إلى تغير أنماط التجارة العالمية.
وتابع أنَّ اختيار شركات الشحن الطريق الأطول والأكثر كلفة للتجارة والتحول من ممر البحر الأحمر إلى ممر رأس الرجاء الصالح الذي تقدر المسافة الإضافية فيه لإيصال البضائع إلى مشتريها في أوروبا والأميركيتين أو بالعكس منها إلى دول غرب وشرق آسيا بنحو خمسة آلاف كيلومتر مربع ويتطلب 10 أيام إضافية وفقاً لمصادر الشحن التي أشارت إلى زيادة النقل عبر هذا الممر بنحو 40 بالمئة بالمقارنة بالعبور عبر قناة السويس. ولفت العيساوي إلى انخفاض عملية العبور من خلال قناة السويس وفق تقديرات بنسبة 23 بالمئة، حيث وقع الانخفاض الأكثر وضوحاً بالنسبة للنفط الخام والغاز الطبيعي المسال بعد أن زادت أسعار ناقلات النفط من طراز (سوبر ماكس) من الشرق الأوسط إلى شمال غرب أوروبا وقفزت بنحو النصف وارتفع خام برنت القياسي بنحو 8 بالمئة، مؤكداً أنَّ تلك الأحداث لها انعكاساتها الخطيرة على التجارة الخارجية العراقية ومن بينها التجارة النفطية.
وبين أنَّ تلك التداعيات لاسيما من جهة دول أوروبا، أدت لتخلي بعض شركات التكرير عن شراء نفط خام البصرة وفقاً لما ذكره التجار والتحول نحو الشراء من بحر الشمال، وكذلك من زاوية الاستيرادات السلعية للعراق التي يعد مصدرها شركاءها من هذه الجهات. من جانبه، قال المختص بالشأن الاقتصادي الدكتور عدنان بهية لـ"الصباح": إنَّ أهمية مضيق باب المندب والبحر الأحمر المرتبط بالبحر المتوسط من خلال قناة السويس مهم جداً للتجارة العالمية وتمر من خلاله بحدود 20 بالمئة من التجارة العالمية وتجارة النفط ما بين الشرق والغرب وتعبره مئات السفن كل يوم.
وأشار إلى أنَّ البحر الأحمر بمنفذيه باب المندب وقناة السويس يعد بحراً عربياً ويقع في أولى اهتمامات الأمن القومي العربي والإقليمي ومن ثم اهتمامات الأمن العالمي وتأثيره في الاقتصاد والتجارة العالمية وبالتأكيد أنَّ بقاء هذا البحر بمنفذيه باب المندب وقناة السويس مفتوحاً للتجارة العالمية أمر مهم لمصالح جميع الدول سواء كانت الدول العربية المطلة على البحر الأحمر والمضايق الأخرى المهتمة والمنتفعة من التجارة العالمية وتجارة النفط.