حفلات التخرج..

آراء 2024/03/07
...

 حسين الذكر


كثر الحديث خلال أيام خلت عما تسمى ظاهرة الاحتفال بتخريج الدفعات من الجامعات العراقية لا سيما الاهلية منها.. لوحظ أن الحفلات أخذت مسارا وانطباعا عاما جديدا مع أنه يتسق مع روح الديمقراطية والقيم الجديدة السائدة في عراقنا المفترض. 

إلا أن الاندفاع الزائد والمتمظهر بصورة تبدو مقصودة للتأثير على حركة المجتمع وسرعة التغيير فيها، لا سيما في ظل الانفتاح الإعلامي وطغيان السوشل ميديا، بصورة غطت على سواها من جوانب أخرى بما قد يحرك الآخر..

بالوقت الذي يشعر الطلاب بفرحة عارمة تتسم بمضامين روح الشباب، وما يحدوهم الامل فيها لإعادة رسم مستقبل حياتهم في ظل أوضاع عصيبة مر بها العراق، خلال العقود الخمسة الأخيرة، وما يعنيه التغيير بالنسبة إلى جيل اكتوى بنيران الحروب والطائفية والتهميش، وقبله ورث مخلفات الحصار والاستبداد وأنواع البطش المكمم للأفواه.

بين هذا وذاك وما يحدو الشباب من الانطلاق نحو حياة – وان لم تحدد مخرجاتها بصورة واضحة بعد – جديدة مختلفة كليا عما الفوه وعاشوه في ظل مصادرة الرأي والكبت والحرمان والتعطش لأفق الحرية، بل ممارسة الوعي..

صحيح أن بعض المشاهد والصور المنشورة بقصدية واضحة تثير التساؤلات عن مدى مشروعية تلك المظاهر في ظل أسلمة المجتمع ومحافظته.

إلا أن العلاجات لن تكون مجدية اذا ما كانت على ذات الوتيرة القمعية..

نحن امام مجتمع يتغير وعادات وقيم تنصهر في بوتقة تعد خليطا من الحداثة والأجندات والتطورات والتقنيات، التي لا عهد لأسلافنا بها لا من قريب ولا بعيد.. فلا يمكن النظر إلى جيل الجامعات والمتخرجين - حاليا منهم - على ذات الطريقة والمنوال الخمسيني والستيني وما بعد بعد ذلك.. 

العملية برمتها تحتاج إلى دراسة الظاهرة بشكل يتسق مع روح العصر ومن قبل جهات متخصصة عدة بمجالات الحياة المختلفة من قبيل (الاجتماع والفلسفة والدين والصحة النفسية والتربية والتعليم والسياحة والرياضة والادب والثقافة والأمن الاجتماعي.. وغير ذلك الكثير ).. للخروج بما يمكن تسميته خارطة حديثة ليس للاحتفال ونقد صوره فحسب، بل تتعداها لدراسة أحوال المتخرجين ومستقبلهم وإمكانية احتوائهم وضمهم وتحويلهم إلى قيادات مجتمعية شابة، قادرة أن تأخذ زمام الأمور نحو صناعة مجتمع جديد شريطة أن تكون ضمن مرحلة خلاقة، وبما يضمن ويصون الحرية الفردية وأمن المجتمع ورفاهية الناس، وإعطاء المشاعر والأحاسيس فسحة من التعبير غير المكبوت، كي تكون قادرة على النطق الواعي والحوار مع الذات والموروث، للوصول إلى مجتمع خلاق لا يمكن تجهيله وقيادته نحو الهاوية بسهولة.