الدجيلي حينما يضيقُ صدره بالعتاب

ثقافة شعبية 2024/03/07
...

 سعد صاحب 

الرضا لا يأتي من فراغ، ما لم يسبقه زعل أو جفاء أو خصام، وأن ترضى عليك أنثى من طراز رفيع، بمثابة الفوز بجائزة مهمة. امرأة من سلالة الملكات، دافئة مثل نيران شتائيَّة أصيلة، وعذبة كنسائم الربيع الباردة، ومتناسقة الأعضاء كما نساء الأساطير الجميلات الملامح.

 لها الكثير من الأحلام المؤجلة، وعندها العديد من الأماني، موفقة في خياراتها ما عدا بعض الأخطاء، والقليل من العثرات العابرة.


صلح

تعلن عن حالة المغفرة والصلح والقبول، وهذه الكلمة تحمل في خباياها الحبَّ والمصداقيَّة والثقة والسلوكَ المتوازن، وتلك المفردات الناعمة لا تصدر إلا من روحٍ باسلة، عاشت عمرها تقاومُ القُبْحَ والكذِبَ والزيفَ والخذلان. ابتعد اللوم جانباً وحلَّ الوئام بين الأرواح المتخاصمة، وإنْ كان لكل فردٍ عالمه الخاص، المزدان بالعطور والشناشيل والأمسيات والهدايا والتواصل والطموح. هي لا تريد العتابَ المرَّ الذي يفسدُ حياة العاشقين، ولا تحبب صمت التماثيل الموحش الثقيل، والإنسان اللمَّاحُ ينتزعُ فرصته الأخيرة قبل فوات 

الأوان. أروع ما في المودة تقاسم الهموم بشكلٍ عادلٍ، وبطريقة مهذبة تنمُّ عن وعي وإحساسٍ وتفاهم، فالليالي ليس من طبعها الرحمة، وبأقرب فرصة إليها تطعننا في الظهر، وما هي سوى لحظاتٍ وبعدها نكون غرباءً تحت سماء موحشة:

(مراضيتك/ وما ظل بعد لوم/ ولا بينه من يتحمل عتاب/ عدينه وتقاسمنه الهموم/ شفنه الليالي تضيع الاحباب/ والدنيه تاخذنه غريبين).

أيامٌ طويلة للسكوت والهجران والانقطاع والعويل، ويومٌ واحدٌ للبوح النابع من أعماق الروح، لإعطاء الآخر قيمته الحقيقيَّة بعد إجحافٍ ولا مبالاة، والمحبوب بطبعه يشعُّ في كل الأمكنة، سواء كان متوافقاً أو متجافياً مع من يحبه.

المكابرة تمنعُ الاعتراف وطرح الأفكار القريبة من التنازل أو التطابق، وما بين الرغبة بامتلاك الجسد، وما بين الرهبة من الوجود، تنفردُ العاشقة بإيماءاتها المعبرة عن حقوقها الضائعة في واقعٍ غرائبي محكمٍ بالنصائح والمظاهر والخوف والتهذيب:

(مراضيتك/ وردتك فرد يوم/ من عمر راح بساع وياك/ يا عين ترضه تعاشر نجوم/ يا گلب يرضه الجفه وينساك/ وانته الگلب والروح والعين).


صبر

بعد أنْ يشحَّ الصبرُ وينتهي الانتظار الطويل، تنتفضُ الفتاة على نفسها المهادنة، مذ كانت بالأمس تخاف من الأسرة، ومن وصاياها المجحفة الظالمة، عندما تذعنُ للأقوى وتستجيبُ لكل أمرٍ بلا قناعة، من ممنوعات المكياج في فترة المراهقة، الى عدم اقتناء الملابس الشفافة المريحة. هو ليس شعورها الشخصي فقط، وإنما مشاعر الكثير من الفتيات الطامحات، لتزاوج الأجسام والأرواح والعقول. 

وما دام التعاطف موجوداً بالأساس بين المتحابين، فلماذا كل هذا الالتباس والتنافر والجمود، ولماذا كل هذه القطيعة:

(راضيني ماي وجرف واشواك/ والدنيه تحله بوفه الاحباب/ عدينه وتحملنه الفراك/ ما ظل گلب يتحمل عتاب/ وانته الگلب والروح والعين).