الإنتاج النباتي والحيواني في الصحراء

اقتصادية 2024/03/07
...

وليد خالد الزيدي



من غير الممكن تجاهل ما تتمتع به صحراء العراق من موارد طبيعيَّة وقدرة على إيجاد فرص للاستثمار وتحويلها إلى مساحات واسعة ذات إمكانيات فعلية للإنتاج والعمل سواء كانت في ظروف آنيَّة أو مستقبلية فبالإضافة إلى ما يشهده العراق الآن من محاولات حثيثة لتحويل تلك المناطق إلى واحات خضراء وإدخالها في مرحلة تناغم حقيقي مع ما موجود من موارد في أراضي مناطق السهل الرسوبي فإنَّ المؤشرات العلمية تؤكد بما لا يقبل الشك إمكانية السيطرة على البيئة القاسية في المناطق الغربية الصحراوية والاستفادة منها في تحقيق فرص للتقدم الاقتصادي في المجالين النباتي والحيواني رغم قلة الموارد المتاحة فيها. 

ونحن هنا لا نتحدث عن الثروات المعروفة في تلك المناطق الداعمة للاقتصاد كمعادن الكبريت والفوسفات والحقول الغازية بل إمكانية استصلاح مساحات واسعة فيها ووضعها في مسارات استثمار إنتاج المحاصيل الزراعية استجابة للتحديات التي تواجه البلد في قضية استغلال جميع ثرواته الطبيعية المتاحة والتي يمكن الاستفادة منها بعد دراسة ظروفها ووضع الخطط اللازمة لتحديد أهميتها ومن ثم إعداد ستراتيجية لتعظيم قدرة الاستفادة منها وتعزيز فرص إدخالها في مجال الاقتصاد الوطني على نحو كبير كما هو معمول به في بلدان أخرى على مستوى العالم لاسيما الدول التي تنتشر فيها المساحات الصحراوية التي ما عادت بعيدة عن متناول برامجها التنموية المستقبلية الواعدة.

ومن باب الموضوعية وذكر الحقائق بما تستحقه، لا مناص من تسليط الضوء على المحاولات الجادة التي أقدمت عليها وزارة الزراعة خلال الفترة الحالية لاسيما ما يتعلق بإعداد خطط منهجية لمواجهة قساوة طبيعة المناطق الصحراوية ومن خلال معالجة مشكلة شح المياه عبر الاعتماد على مصادر المياه الجوفية واستثمار تلك الأراضي الواسعة بتحقيق المنافع منها والسعي لإيجاد مشاريع زراعية لإنتاج بعض المحاصيل التي يمكن استغلالها والتوجه الحكومي لدعم الإنتاجين النباتي والحيواني وتعزيز الاقتصاد الوطني بعناصر إنتاج أخرى باستخدام تقنيات الري الحديثة. الإجراءات التي بصدد أن تقوم بها وزارة الزراعة في صحراء العراق لابد من تعزيزها بعوامل إسناد إضافية من الجهات ذات العلاقة لاسيما الإمكانيات الفنية التي يمكن أن تقدمها الحكومات المحلية في المحافظات التي تطل على المناطق الصحراوية فضلاً على دوائر الوزارة المتخصصة فيها ومن الضروري أن نذكر أهمية البدء بزراعة المحاصيل العلفية وإقامة المشاريع الخاصة بحقول الدواجن ومحطات الأبقار ومن ثم التوسع فيها بعد ظهور بوادر نجاحها بزراعة محاصيل ستراتيجية أخرى كالنخيل وأشجار الزيتون والخضار الصيفية والشتوية لكي تكون لدينا برامج عمل متكاملة ومشاريع متواصلة. وهنا لا بد من القول إنَّ التوجه للإنتاج الحيواني في مساحات تعد من الأراضي (البور) لم تشهد نشاطات سابقة لرعي العجول والأبقار من شأنه رفد الاقتصاد الوطني بمصادر قوة إضافية ولدعم الأسواق بمنتجات اللحوم ومشتقات الحليب المختلفة لسد الحاجة المحلية لها كما لابد من العودة لنجاح إنتاج محصول الذرة الصفراء في كربلاء في تجارب سابقة بتحويل أراض قاحلة في صحراء غرب المحافظة لزراعة هذا المحصول ومن نشاطات ميدانية اعتمدت أساليب إنتاجية حديثة تمثلت باستثمار مناطق خالية واقعة بين حقول الحنطة المتروكة واستثمارها بشكل أمثل.