عنفٌ مجتمعيٌّ مرفوض

آراء 2024/03/10
...

عباس الصباغ

تفاقمت في الآونة الاخيرة ظاهرة التجاوزات والخروقات الامنية المجتمعية على الناس الآمنين، سواءٌ المتواجدون في الشوارع والاسواق أو في الاحياء السكنية ولأسباب قد تكون اغلبها تافهة، نتيجة خلافات شخصية محتدمة أو مشاحنات عائلية أو مناوشات عشائرية، وحتى خلافات شوارعية ما يعرّض الامن المجتمعي للخطر، والذي تعرّفه الموسوعة الحرة بانه: (الأمن الشامل لكل جوانب حياة الفرد والجماعة والمجتمع اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وهذه الجوانب، تُعد منظومة متكاملة ومترابطة الأجزاء تؤثر وتتأثر فيما بينها ولها انعكاساتها الايجابية أو السلبية على الأمن المجتمعي)، والأسباب المؤدية إلى ذلك كثيرة منها السلاح المنفلت، الذي لم تستطع الحكومات المتعاقبة من وضع حد لانتشاره وانفلاته واستهتار من يرفعه واستسهال التعدي على الآخرين، لضعف الوازع الديني والأخلاقي للبعض، ناهيك عن شح وضعف التشريعات التي تحول دون الاعتداء، الذي يطول حتى الذين ليس لهم علاقة بموضوع الخلاف أو الشجار، وتلعب الفوضى الخلاقة، التي سادت المشهد العراقي دورا إضافيا في احتكام البعض للسلاح بدون معرفة نتائج ذلك، ناهيك عن الاستخدام السلبي المفرط لمقاربات الديمقراطية وحرية التعبير من قبل البعض الذين فهموا التصرفات الشاذة والمنحرفة، إنها من مآلات الديمقراطية وإنها جزءًا من حرية التعبير الذي كفله الدستور، لكن الامر لايكون بهكذا بساطة لان ارواح الناس خط احمر والاستهتار والعبث بها أمر مرفوض عرفا وشرعا وقانونا، ولا يوجد نص سماوي أو قانون دستوري أو عرف متوارث يحمي من يتجاوز عليها.
فقد تناقلت الأنباء أحداثا مؤلمة لمعارك وشجارات وقعت بين متخاصمين في بعض شوارع العاصمة بغداد راح ضحيتها أناس أبرياء واحدثت الرعب والهلع بين الناس خاصة انها وقعت في بعض الاسواق المكتظة بالنساء والاطفال، و تذّكرنا هذه الاحداث بحالات العنف الدموي، التي يروح ضحيتها أناس أبرياء، صادف حظهم العاثر أن يتواجدوا في موقع الجريمة، كما يحدث دائما في الولايات المتحدة وغيرها نتيجة الاعتداء عليهم من قبل أناس معتوهين أو مختلين نفسيا.
 ولهذا يجب اتخاذ عدة اجراءات صارمة منها: 1- يجب تعزيز الامن المجتمعي بعناصر أمنية كافية، وتدريبهم على حماية المجتمع والناس من هكذا حوادث.
 2 - ترصين الجانب القضائي وتنفيذ القوانين الرادعة ولكن ليس بصورة انتقائية مع شمول الجميع بها دون استثناء.
 3 - معالجة فورية وشاملة لظاهرة تغول واستفحال السلاح المنفلت، واتخاذ اجراءات أكثر صرامة مع المتجاوزين والاستعانة بالتجارب العالمية، التي ساعدت على الحد من عسكرة المجتمع، فليس من الصحيح انتشار السلاح بأنواعه ابتداء بالسكاكين وانتهاء بالصواريخ بحجة «الدفاع» عن النفس، فهذه وظيفة الدولة الراعية لأمن المجتمع وحمايته، وإن كانت الحكومة، قد قررت أن تشتري السلاح بأسعار مشجعة مع السماح، باقتناء سلاح شخصي لكل بيت للدفاء عن النفس وهذا الإجراءـ برأيي الشخصي ـ يتنافى مع دور الدولة في حفظ الأمن، إذ سيبقى السلاح متواجدا وبإمكان الجميع إشهاره، حتى الاطفال والمراهقين، والمطلوب إلغاء حيازته تماما، ليبقى الأمن وحماية المجتمع من واجب الدولة والجهات الأمنية المختصة فقط، ولكي لايبقى السلاح لعبة يتداولها من هب ودب، كما حدث في شوارع بغداد مؤخرا، وسيتكرر المشهد مع تكرار الأسباب ذاتها.