{الرقمنة الماليَّة}.. عامل لتقليل التضخم وامتصاص الأموال المكتنزة

اقتصادية 2024/03/10
...

 بغداد: حيدر فليح الربيعي

حدد مختصون في الشأن الاقتصادي أبرز المزايا التي يمكن أن يحققها التحول الرقمي في العمل المصرفي، واضعين في مقدمة تلك المزايا، القضاء على التضخم عبر استخدام الفئات الصغيرة، وامتصاص الكتلة النقدية المكتنزة لدى المواطنين، والمقدرة بأكثر من 95 تريليون دينار، وبينما أشادوا بإجراءات البنك المركزي في توفير الأرضية الملائمة لتحقيق التحول الرقمي المالي، شددوا على ضرورة مضاعفة توزيع نقاط البيع والعمل على إلزام جميع المؤسسات الحكومية والخاصة بالعمل بالبطاقات الإلكترونية.


ويشكل «التحوّل الإلكتروني لاستخدام النقود في التعاملات اليومية» أهمية قصوى في التوجهات الحكومية، التي تبذل جهوداً كبيرة في إتمام ذلك التوجه، لاسيما بعد أن «ألزم مجلس الوزراء في وقت سابق، المؤسسات التربوية الخاصة والجامعات والكليات الأهلية ومحطات تجهيز الوقود والمراكز والمحال التجارية بأنواعها، فضلاً عن المطاعم والصيدليات والعيادات الطبية الخاصة والمذاخر ومنافذ التسويق بالجملة والمفرد كافة، وأصحاب المهن، بأن يكون هناك حد أدنى من مبالغ متحصلاتها النقدية عن طريق نظام نقاط البيع الإلكتروني (POS)”.
وعلى الرغم من قصر الفترة الزمنية التي تقرر وفقها بشكل رسمي البدء فعليا باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني (POS) في البلاد، غير أنَّ “البنك الدولي يرى أنَّ البنية التحتية لأنظمة الدفع الإلكتروني بالعراق الأفضل في المنطقة”، مشيداً خلال لقاء سابق جمع محافظ البنك المركزي، علي محسن العلاق، بمدير مكتب البنك الدولي في العراق ريتشارد عبد النور بـ”إجراءات المركزي في تسهيل التحويلات المالية لشرائح مختلفة في العراق”.
كما تمثل عملية “الرقمنة المصرفية” عاملاً حيوياً في تحقيق العديد من المزايا الاقتصادية في البلاد، بحسب الخبير المصرفي، وعضو مجلس الإدارة للرابطة العراقية للمصارف الإسلامية، الدكتور عباس فاضل رحيم، الذي أكد أنَّ “التحول الرقمي أصبح عاملاً مهماً في جميع دول العالم، وهو ما يحتم على جميع المؤسسات المصرفية في العراق استخدام آخر ما بلغه العلم في هذا المجال لمواكبة تطور العمل المصرفي الذي بلغته أغلب دول العالم”.
ويرى عباس، في حديث لـ”الصباح” على هامش ندوة اقتصادية عن أهمية التحول الرقمي في العمل المصرفي، أنَّ “التطورات التقنية في العمل المصرفي يمكن أن تساعد المؤسسات المالية والأفراد في تحقيق جملة إيجابيات، بضمنها التحقيق والشمول المالي والأمان والربحية والسيولة”، مبيناً أنَّ “جميع المصارف في العراق، الخاصة والحكومية، تعمل تحت مظلة وقوانين البنك المركزي، الذي حقق خطوات مهمة في مجال العمل الإلكتروني المصرفي، وعمل على توفير الأرضية المناسبة لتحقيق التحول المصرفي الإلكتروني، فضلاً عن تمكينه للمؤسسات المالية في أن تعمل وتتقدم بهذا الاتجاه لتتمكن من أن تقدم أعمالاً مالية متطورة”.
ولفت عباس إلى أنَّ التحول الإلكتروني للعمل المصرفي يحمل جملة مزايا يمكن أن تنعكس إيجاباً على الواقع الاقتصادي في البلاد، لاسيما في مجال امتصاص جزء من الكتلة النقدية المكتنزة لدى المواطنين، حيث سيعمل التحول الرقمي على إغناء المواطنين عن حمل المبالغ أو اكتنازها، فضلاً عن أنَّ ذلك التحول قادر على لعب دور حيوي في الحد من ارتفاع معدلات التضخم، بسبب استخدام أجزاء العملة في التداولات الإلكترونية، وبالتالي فإنَّ الأمر سيوفر على الأسر مبالغ مالية يمكن أن تسد أجزاء أخرى من متطلباتهم اليومية عند استخدام البطاقات الإلكترونية، مبيناً أنَّ تداول الفئات الصغيرة التي تقل عن 250 ديناراً أمر شبه معدوم، لذا فإنَّ استخدام البطاقات الإلكترونية سيعمل على استخدام تلك المبالغ، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أنَّ ارتفاع معدلات التضخم أمر ناجم عن العديد من العوامل العالمية التي أثرت بشكل كبير في الأسعار، لاسيما الحرب الروسية الأوكرانية.
كما أوضح عباس أنَّ من بين المزايا التي يمكن أن يحققها التحول الرقمي للعمل المصرفي في العراق، هو القضاء بشكل كلي على تداول العملات المزيفة، والحد من عمليات الرشوة بسبب تقليل الاحتكاك والتعامل المباشر بين المواطن والموظفين، داعياً إلى تكثيف الجهود لزيادة محطات البيع بالبطاقات الإلكترونية (POS).
بدوره، أوضح الباحث المتخصص بالشأن الاقتصادي، ضرغام محمد علي، وجود جملة خطوات من شأنها إنجاح عمليات الدفع الإلكتروني في العراق، مشيراً إلى أنَّ من بين تلك الخطوات “توفر العناصر الترويجية والإجرائية” مبيناً أنَّ “العناصر الإجرائية ترتكز بالدرجة الأساس على تشجيع الفعاليات الاقتصادية، من محال ومطاعم ومولات وأسواق على اقتناء أجهزة الدفع الإلكتروني (POS) وتوفير امتيازات مالية تتمثل في منح سماحات ضريبية أو حوافز أخرى لمستخدمي البطاقات الإلكترونية”.
كما شدّد محمد على أهمية “تسهيل عمليات حصول المواطن على بطاقات الدفع الإلكتروني، عبر نشر المزيد من منافذ بيع وشحن تلك البطاقات في المناطق السكنية والتجارية خارج المصارف”، لافتاً في الوقت ذاته، إلى أنَّ التوسع بعمليات استخدام البطاقات الإلكترونية سيحقق العديد من العوامل الاقتصادية الإيجابية، والتي يقف في مقدمتها تقليل الحاجة للطباعة السنوية للنقد، وزيادة التداول بالفئات النقدية التي تقل عن 250 ديناراً، ما ينعكس في نهاية الشهر على ميزانية الأسرة.
ودعا المتخصص بالشأن الاقتصادي إلى ضرورة “تقليل العمولة الخاصة بالمشغل أو دفعها من قبل الدولة لتشجيع تبني هذه التقنيات لزيادة الشمول المالي في البلاد”.