ياسر المتولي
بغداد المدينة المدوّرة مضرب الأمثال في رونقها وجماليتها وتوزيعها الجغرافي ومدّها الحضري باتت تضيق ذرعاً من الانفجار السكاني، الذي شوّهها بصرياً واختنقت بأبنية تفتقر إلى التصاميم الأساسية وشروطها التي تحتاج إليها المدن الكبيرة.
والأسباب وراء ذلك متعددة في مقدمتها الهجرة غير المسبوقة إليهاً بحثاً عن فرص العمل من كلّ حدب وصوب مع غياب تنظيم السكن وسوء استخدام السلطة من قبل الدوائر البلدية بالسماح بالبناء العشوائي بدون ضوابط وتجزئة الأبنية الكبيرة إلى قطع صغيرة لا تصلح حتى لتربية الطيور وذلك بحجة أزمة السكن التي استعصت رغم ما نشاهده من مجمعات كثيرة ومتناثرة في عموم العاصمة وتمّ توزيعها بشكل عشوائي، ولم تلبِّ الحاجة الفعلية للسكن، وتفتقر إلى المواصفات الفنية المطلوبة.
ملاحظات أو انطباعات سمِّها ما شئت، هذا الوصف لما يجري في واقع التطور العمراني غير المنظم.
واليوم نلمس أنَّ هناك توجهاً حكومياً جاداً لبناء مدن جديدة وفق تصاميم تأخذ بنظر الاعتبار أهمية توفير البنى التحتية التي تستوعبها، هذه الإشارة صدرت عن حديث لدولة الرئيس في حوار أجرته معه قناة الحدث، ومن بين ما قال أننا بصدد إنشاء مدينة مالية واقتصادية جديدة تتميز بمواصفات ذات جودة عالية.
وهنا نود أن نثبت رؤيتنا بخصوص المدن الجديدة التي تحتاج إليها العاصمة بهدف فك الاختناقات والتشوهات البصرية عنها. إنَّ الحاجة تقتضي إلى إنشاء بغداد الكبرى.
كيف؟
ابتداء فإنَّ الحاجة لا تقتصر على المدينة المالية والاقتصادية رغم أهميتها إنما نحتاج إلى جانبها مدينة إدارية تضم كل مؤسسات الدولة بوزاراتها وبرلمانها ودوائرها الحكومية
كما الحاجة إلى مدينة صناعية تضم كل الورش والمصانع التي تناثرت بين المناطق السكنية بشكل ضار للبيئة وللذوق العام ومدينة للمعارض العراقية أيضاً.
كذلك يُحتاج إلى التوسع خارج حدود العاصمة بالاتجاهات الأربعة تسبقها تصاميم أساسية من قبل شركات عالمية لتنظيم الربط الجغرافي بينها بسكك حديد سريعة وطرق حولية في ما بينها، كل ذلك في أطراف بغداد المترامية وخارج مركز العاصمة.
ثمة إشارة أخرى لدولة الرئيس مطلع الأسبوع الحالي خلال لقائه وفد التحالف الاستشاري الماليزي بشأن مترو بغداد، كانت إشارة مهمة، ونرى ضرورة أن تكون ضمن مخططات بغداد الكبرى لتكتمل صورة بغداد الكبرى وبذلك نكون قد حققنا بناء مدن حديثة تلائم البيئة العراقية وترقى إلى مستوى وإمكانات البلد بثرواته الطبيعية والبشرية، لذلك نحتاج إلى خطة بعيدة المدى تتضمن خططاً خمسية لكل مدينة، عند ذاك نستطيع أن نعيد لبغداد جمالها ورونقها الحضاري والمعماري.
قد تبدو الصورة أضغاث أحلام أو تأملات أقول نعم ولكن أسأل، أفلا يحق لنا أن نحلم ببلد جميل كما تفعل الدول الأخرى أو يفعل الأشقاء في بلدانهم؟