بنية النظام السياسي وإدارة المجتمع

آراء 2024/03/11
...

 علي فائز 

 

 تؤثر المؤسسات الاجتماعية على السلوك السياسي لأفراد المجتمع، ومن المؤكد أن المؤسسات السياسية للدولة لها التأثير الأكبر، ووفق البنى والعناصر، فأنها تلعب ادوارًا متباينة في سلوك الافراد والضبط الاجتماعي. 

 وكلما تقدمت المجتمعات تفقد هذه المؤسسات دورها في علمية الضبط إذا لم تحدث تغيرًا أو تحولًا يتلاءم مع تطورات المجتمع ومتطلباته، حيث نرى في المجتمعات المتقدمة تضاؤل دور المؤسسات الدينية والأسرية في التأثير بالمجتمعات وحياة الافراد، بعد أن كانت لها الريادة في تنظيم سلوك الافراد وعملية الضبط الاجتماعي، وتحديد أهدافه.

 وكان نتيجة لما سبق أن ظهر النظام العلماني، الذي يرتكز على فكرة فصل الدين عن الدولة، الامر الذي ألقى بظلاله على سلوك افراد المجتمع، وهذا الانعكاس أدى إلى انحسار التأثير الديني والقبلي، وبرز التخصص وتوزيع العمل كأحد اركان الدولة المدنية.

 ووفق هذه العلاقة الطردية فمن المؤكد أن المجتمعات النامية يبرز فيها دور المؤسسة الدينية والاسرية والقبلية وهذا الثالوث يؤشر للانتماء الاجتماعي والذي غالبًا ما يعكس قيمًا دينية وقبلية يتسرب من واقع هذه المؤسسات وينعكس على السلوك السياسي، لا سيما اذا كانت قيمها في نظر الفرد أكثر قدرة على الاستجابة لمطالبه من القيم الشاملة، مما يجعل ولاء الفرد لتلك القيم أعلى من قيم المجتمع الشاملة، ومرد ذلك إلى عجز الأنظمة السياسية في إيجاد قيم موحدة لعموم المجتمع تعكس انتماءه الاجتماعي، على عكس المجتمعات المتقدمة، التي يكون فيها الولاء للدولة ومرد هذا الولاء يتمثل في قدرة النظام السياسي في تطوير بنيته وطبيعة تعامله وقدرته على تلبية مطالب افراد المجتمع وحل مشاكلهم. 

 اذًا صار واضحًا أن تحديث المجتمع السياسي والذي يعد غاية التنمية المستمرة، يتمثل في بناء دولة عصرية، تشيد أركان وحدة المجتمع، ويسودها التجانس الوطني وتحقق المصالح المشتركة، وهنا تتحقق الانتماءات للدولة عن طريق تطوير البنى والمؤسسات، وهذا ما يذلل الصعاب أمام مشاركة المجتمع، وتقدم الحلول التي تعصف فيه وتهدد استقراره. 

 فقدان الاستقرار السياسي مرده إلى غياب المتحد السياسي والمساواة في المشاركة السياسية، فحينما يحدث تغيير اجتماعي ويزيد الوعي السياسي، تزداد المطالب والضغوط في المشاركة السياسية، هذا التغيرات من شأنها أن تقوض السلطة السياسية والمؤسسات التقليدية، مما يجعلها امام اختبار لإيجاد مؤسسات حديثة تجمع بين الشرعية والفاعلية؛ لذلك فان مشكلة السياسية الأولية هي التعثر في الية تطوير المؤسسات السياسية، بما يتلاءم مع التغير الاجتماعي والاقتصادي فالتخلف عن هذا التحديث يجعلها تصدر الازمات لا الحلول.