رند طلال: الإعلام والفن يمنحانني القوة والسعادة

ولد وبنت 2024/03/11
...

 عواطف مدلول

بين عشقها لعملها الإعلامي وولعها بالفن تجد رند طلال نفسها تحقق كثيراً من الخطوات، فتضيف لرصيدها الشخصي والمهني خبرات جديدة ومزيداً من العطاء والابداع، مواجهة كل العقبات التي تعترض طريقها للوصول إلى مراحل التطور الساعية لها بحب وشغف، لتخلق لذاتها عالمها المتميز بالجمال والحياة والنجاح.تقول رند: أي عمل فيه الكثير من التحدي والصعوبات أشعر بمتعة كبيرة في أن أكون جزءاً منه إذ استمد منه طاقتي ووجودي، واعتبرها معادلة الحظ أن يتنقل الشخص بين مجالين.

 وكما معروف فإنّ الإعلام مليء بالعوائق لايدركها إلّا من يعمل به، مثلاً أوقات العمل غير المعتادة، الحفاظ على التجديد والتطور والمواكبة، أما الفن والرسم على وجه الخصوص فالأذواق مختلفة والمدارس والتقنيات أصبحت أكثر، ومن الصعب جداً ارضاء الجميع لذلك فإن الحفاظ على ان تكون متجددا مميزا هي أيضا معادلة ليست بالسهلة مع كثرة المصادر، لذا فإن الجمع بين هاتين المهنتين هو شيء قد يكون غير معتاد لكنه بالنسبة لي يمنحني قوة الحضور والسعادة.

وعن ميولها الفنيَّة والرسم على الملابس تشير موضحة: في الحقيقة أنا لست هاوية، بل تشرّبت الفن من منابع عديدة وبالاساس أنا خريجة كلية الفنون الجميلة قسم التصميم الطباعي، وفي أسرتي وخصوصاً من جانب والدتي التي هي رسامة بالفطرة كانت لوحاتها تميل للمدرسة الانطباعيَّة أكثر، كما ان لها مشاركات في رسم القصص الخاصة بدار ثقافة الاطفال سابقاً، فضلاً عن أن حواسي ألفت الالوان ورائحة الاصباغ الزيتيَّة منذ طفولتي، لان الفنان التشكيلي الراحل سالم الدباغ، صاحب البصمة المميزة في الفن التشكيلي العراقي، هو جزء من أسرتي لوالدي، تأثرت كثيرا بمعادلاته اللونيَّة الصعبة، كنت معتادة على رؤية اللوحات ذات الاسود والابيض، وكان له الفضل الكبير في دخولي كلية الفنون الجميلة، ولعي بخلق عالم ملون مليء بالجمال والفن لا سيما بعد ان تركت العراق زاد ارتباطي أكثر بجذوري وحضارتي وادي الرافدين التي أتباهى بها.

وبالنسبة لمراحل تطورها بعالم الازياء بعد استقرارها خارج البلد تؤكد: أتابع كل جديد فيه طبعاً بما يسمح به الوقت والظروف خصوصاً مع متطلبات الحياة في الولايات المتحدة، حاولت من خلال شغفي وتجربتي ان أمزج بين الازياء العربيَّة والغربيَّة، وخصوصاً العباءة او البشت العربي الذي يشكل هوية وفيه رمزيَّة عالية؛ لذا فإنَّ فكرتي هي المزج ما بين حضارتين متناقضتين بالتوجه والثقافة وكل شيء، واحيانا كثيرة أدخل رمز السبع عيون البابلية على المزيد من الازياء خاصة المتعارف عليها بأنّها غربية النشأة والجذر ومنها انطلق، او استخدام جمالية الحرف العربي ايضا، وبذلك أكون قد اوصلت رسالة وغيرت الفكرة النمطية للغرب عنا نحن كمغتربين في مجتمع لايفهمنا ولا يعرف جذرونا، وماذا نملك من خبايا جمالية في ثقافتنا ولغتنا وحروفنا، كما انني أركز أوسع على موضوع الرسم على الازياء والملابس، لكسر قاعدة ان اللوحة مكانها الجدران فقط، بل بالامكان اقتناء لوحة متنقلة عن طريق الازياء المرسومة، ولنصبح ناقلين للجمال، أحب أكثر فكرة ان ارسم كل قطعة بيدي واقضي وقتاً طويلاً في انجازها، لان ذلك يزيدها الكثير من القيمة الابداعيَّة والجماليَّة، وإلا بالإمكان ومن الأسهل اللجوء الى الطباعة والتقليد لكن يبقى للتميز وما تبدعه اليد له وضع وشكل مختلف برأيي.

أما بخصوص تجربة العيش بعيداً عن الوطن فتصفها بأنّها ليست بالهينة أبداً، مضيفة: رحلتي كانت شاقة جداً، وعرة مليئة بالتحديات، اولها كان الابتعاد عن صمام الامان الأسرة والأهل، مواجهة الحياة وحدك في بلد غريب بكل تفاصيله وثقافته، التعرف على الطرق والاماكن، أذكر أني أضعت طريق العودة للمنزل أكثر من مرة، خلال السنة الاولى التي دخلت فيها الولايات المتحدة، أخذ مني التأقلم على العيش في هذا البلد الغريب، وبناء وطن بديل اكثر من خمس سنوات، التجربة لم تكن سهلة أبداً بل كانت شرسة بكل معنى الكلمة، لكنها في المقابل صقلتني وعيا وصبرا وقوة، علمتني الغربة ان اكون اكثر جلادة، الاستقلالية والقدرة على اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية، كما انها ثبتت تمسكي بجذوري وعراقيتي، وفخري بأني بنت حضارة وادي الرافدين وبالعكس اصبحت انتظر اي حدث فني لأنقل عبر الفن والالوان تاريخي وكنوز حضارة عمرها اكثر من 7 الاف سنة، لذلك فإن أغلب أعمالي تحمل رموزاً بابليَّة سومريَّة رافدينيَّة، وحين اشرح سرها وتفسيرها اجد الانبهار من قبل المتابع الاميركي خصوصاً الذي لا يعرف عن العراق الا القليل وما يراه عبر الإعلام فقط وهي نظرة سلبيَّة منقوصة الحقيقة.

حالياً تعمل رند كمراسلة مع الاسوشيتد برس وهي وكالة انباء اميركية عريقة مصدرة للأخبار والتقارير لكل العالم، تلفت إلى أن تجربة عمل المراسل الصحفي تستحق الخوض فيها وعيشها، فهي تنضج وتكمل تجاربها السابقة في الاعلام المرئي والمسموع والصحافة، علما ان بداياتي وخطواتي الاولى كانت في جريدة “الصباح” كنت أعمل كمحررة أخبار في ملحق “ديمقراطية ومجتمع مدني”، وها أنا اليوم أحل ضيفة عليها وهو ما يشعرني بالفخر والامتنان أيضا لأن بذروي الاولى انطلقت من هذا الصرح المهم.

وعن جديدها في شهر رمضان المبارك تذكر بأنها ركزت على الحرف العربي وما يحمله من جماليات وانحناءات وخطوط، ومزجتها مع وعلى قطع متعارف على انها غربية النشأة والرمزيّة محاولة التجديد والتنويع في أعمالها الفنية سواء كانت ازياء او لوحات او حرفيات لكي تتحدى نفسها وقدرتها على التنوع والتمكن.  وتختتم حديثها: أرى أن أمامي الكثير لانجازه فالرسم هو شغف يعطيني الحافز والدافع للوجود، خاصة القدرة على تحويل القطع القديمة الميتة وإعادة الروح لها من جديد، إذ أشعر أني أضفت لهذا العالم حياة ومولوداً جديداً من الألوان والجمال.